قصيدة الأستاذ محمود رمزي نظيم، وهي قصيدة عذبة رقيقة، تنساب فيها روح خفيفة ساحرة، وأسلوبها من السهل الممتنع، وإليك الدليل، وما من شيء يبلغ في التدليل على جمالها مبلغها هي في ذلك؛ قال في مطلعها:
سقطت أسنانه في ال ... كأس سنا جَرَّ سنا
وأراق الخمر في هي ... كله دنا فدنا
جن بالكأس وهل ين ... هى الذي بالكأس جنا
يحسب الناس الألى لا ... يشربون الخمر جنا
تخذ الحانة دارا ... واحتساء الراح فنا
عاش للراح حبيبا ... واجف القلب معنى
لو تمنيه بغير ال ... كأس شيئاً ما تمنى
إن مشى تحسبه في ... سكره غصناً تثنى
وشمالاً ويميناً ... مال تيهاً وأرجحنا
ما صحا من سكره إلا ... إلى الحانة حنا
فهذا كلام تتراقص فيه الروح الشعرية تراقص الحباب في الكأس. ونأخذ من بين هذه الأبيات قوله:
يحسب الناس الألى لا ... يشربون الخمر جنا
فما الصلة بين الذين لا يشربون الخمر وبين الجن حتى يحسبهم السكير كذلك؟ اللهم إلا أن يكون قد ضعف تصوره من شدة السكر. .
والأستاذ رمزي نظيم شاعر متفنن، وتراه في هذه القصيدة يفتن في الانتقال من صورة إلى صورة في حذق ومهارة؛ فهو بعد أن يصف السكير ينتقل إلى التعبير عن خواطره فيقول:
طالما أوحى إلى النصا ... ح ردوا النصح عنا
إن من يترك شرب ال ... راح عمداً ليس منا
إن في الحانة للخا ... ئف تشجيعاً وأمنا
نحن للكأس خلقنا ... وبها في الكون عشنا
إلى أن أتى على مصرعه فقال: