وهذا شاعر يئن من هجر حبيبته، وهو الأستاذ محمد عزيز رفعت، والقصيدة كلها مبنية من الكلمات والعبارات المبتذلة التي كثر استعمالها في الشكوى من فعل الجوى وتبريح الصبابة، يقول:
أشكو هوى بين الجوانح شفني ... في هجعتي - سقماً - وفي يقظاتي
وتظهر في بعض أجزائها محاولة الإجادة، وتبدو في قليل من أبياتها مخايل الشعر كقوله:
عبثاً شكوت فيا لصب مغرم ... لم يجن غير اليأس من ثمرات
(واليأس إحدى الراحتين) لو أنني ... لما يئست ذهلت عن صبواتي
وفي القصيدة ركاكة في الأسلوب، وتكلف في النظم، وأخطاء في بعض المعاني والألفاظ؛ قال:
واسود وجه الرأي لا لي حيلة ... لنوال عطفك أو لكبت وشاة
النوال: العطاء، وهو يريد النيل مصدر نال ينال، فاستعمال النوال هنا خطأ
وركاكة البيتين الآتيين لا تحتاج إلى بيان، قال:
وصددت عني حين أنت مدينة ... بالعهد عهد سرائر المهجات
وقطعت لأرسل إليك شفيعة ... لي في رضاك ولا صدى هتفاتي
وما معنى قوله: (ولا صدى هتفاتي)! أيعني أن صدى الهتفات لم يشفع في رضاها؛ وكيف يشفع الصدى؟!
ويقول:
والله واليوم الأخير ووقفة=لله أنذرها على عرفات
لو كنت في نزع المنون مخيراً ... ما بين قربك لحظة وحياتي
لاخترت قربك والمنون ولم أشأ ... نعمى الحياة على سرير مماتي
ولو استبنت الدمع يوم منيَتي ... في مقلتيك سعى إليك رفاتي
فلماذا كل تلك الأيمان المغلظة؟ وما معنى هذا النذر؟ أيعني أنه إن اختار الحياة على قربها مع الموت يلزمه أن يقف على عرفات! ثم كيف يستبين الدمع في مقلتيها وهو ميت؟!
ميتة سكير