الصلة وخلافه، ومنهم الإمام السهيلي صاحب كتاب الروض الأُنف في شرح سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من التواليف، وصاحب هذه الأبيات المشهورة التي أنشدها للإمام الحافظ أبي الخطاب بن دحية وقال له: ما سأل الله تعالى بها حاجة إلا أعطاه إياها، وكذلك من استعمل إنشادها، وهن:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المُعَدُّ لكل ما يتوقع
يا من يُرجّى في الشدائد كلها ... يا من إليه المُشْتكى والمفزع
يا من خزائن رزقه في قول كن ... أُمْننْ فإن الخير عندك أجمع
ما لي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك فقريَ أمنع
ما لي سوى قرعي لبابك حيلة ... فلئن رُددتُ فأي باب أقرع
ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ... إن كان خيرك عن فقيرك يمنع
حاشا لمجدك أن تقنط عاصياً ... الفضل أجزل والمواهب أوسع
أقوال مؤرخي الأندلس فيه
وإليك نتفاً مقتطفة مما قاله في حق المترجم له مؤرخو الأندلس ممن عاصره وتتلمذ له. قال الحافظ بن بشكوال في كتابه الصلة: هو الحافظ المستبحر، ختام علماء الأندلس وآخر أئمتها وحفاظها. . كان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها والجمع لها مقدماً في المعارف كلها، متكلما في أنواعها، نافذاً في جميعها، حريصاً على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، يجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة ولين الكنف وكثرة الاحتمال وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود الخ الخ وقال أبو نصر الفتح بن خاقان صاحب المطمح والقلائد:
الفقيه الحافظ أبو بكر بن العربي علم الأعلام الطاهر الأثواب، الباهر الألباب الذي أنسى ذكاء إياس، وترك التقليد للقياس، وأنتج الفرع من الأصل، وغدا في بدء الإسلام أمضى من النصل، سقى الله به الأندلس بعدما أجدبت من المعارف، ومد عليها منه الظل الوارف، وكساها رونق نبله، وسقاها ريق وبله. وكان أبو محمد باشبيلية بدرا في فلكها، وصدرا في مجلس ملكها، واصطفاه معتمد بني عباس اصطفاء المأمون لابن أبي دؤاد، وولاه الولايات الشريفة، وبوأه المراتب المنيفة؛ فلما أقفرت حمص (يريد أشبيلية) من ملكهم وخلت،