- (ما وراءك يا رسول! أي ضِغْث ناء من جديد بكلكله على هذا البيت؟
- (ماتوا!! وقتلتهم ما يزالون أحياء!
- (من القاتل ومن القتيل، أفصح يا رسول!
- (هايمون! قتل هايمون! انتحر المسكين!! قتله يأسه وأودى به قنوطه، وحزنه على الفتاة التي قتلها أبوه!
- (ويحك يا كاهن طيبة، ما قلت إلا حقا! ويْ! الملكة! إنها قادمة! مسكينة يا أم هايمون! لشد ما تحزنين اليوم
- ١٣ -
(تدخل الملكة يوريدس)
- (فيم تناجيكم أيها الأعزاء! أحقاً قتل هايمون نفسه؟ لقد سمعتكم تقولون مثل هذا؟! نبئوني! لا تنزعجوا! ليست هذه أولى مصائبي، أحقاً مات ولدي!؟ تكلموا!!
- الرسول: (أيتها الملكة! سأقص عليك كل شيء، لقد شهدت المأساة بنفسي! كلنا سواء في الحزن وشركاء في الأسى! لقد ذهبت في إثر الملك إلى بطحاء طيبة حيث جثمان بولينيسيز، وحيث عمل الملك بيديه في حفر مقبرة لبقايا القتيل التي أبقت عليها عقبان الجو وذؤبان الفلاة. . . ثم انثنينا إلى القبو المظلم الفظيع الذي أمر بأنتيجونى أن تموت فيه. . . وما كدنا نقترب حتى سمعنا نشيجاً مؤلماً وأنيناً مفزعاً. . . ثم إذا صرخة داوية تتردد في حنايا القبو. . . وامرنا الملك أن نتقدم حين أدرك أن الصوت صوت هايمون. . . تقدمنا أيتها الملكة! وا حزناه! لقد بلغنا أقصى زاوية في القبو! يا للهول؟ أنتيجونى؟! مسكينة! لقد شنقت الفتاة نفسها بغُلالةٍ حريرية في سقف القبو!! وركع هايمون على ركبتيه. . . بجانبها. . . وأخذ يعانقها. . . ويبكي. . . وينعى حظه. . . ويبث شكواه! وكان يندب حبه بكلمات مُئنّة تقطّع نياط القلوب!. . . وكلمه أبوه. . . ولكن حدجه بنظرات غائرة، ثم انتزع سيفه وجعل زُجه إلى أرض القبو، وسِنَّه في صدره، واتكأ المسكين بكلكله عليه، فبرز الجراز يلمع من ظهره. . . وسقط قليلاً على الثرى، وظل ذراعه الضعيف الواني ملتفاً حول خصر أنتيجونى.!! وتدفق الدم مختلطاً بتراب القبو. . . وذهبت روحه البريئة محوطة بأرواح الآلهة إلى هيدز!!)