للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يجيء الكلام عن جيل سعد وطابعه المميز من طلب الإصلاح والدعوة له والغيرة عليه، وبيان الدوافع لهذه الحركة الإصلاحية من الداخل والخارج، وما كان لهذا الجيل من شأن في نشأة سعد واتجاه همته، وصفة أعماله في مستقبل أيامه، ومن هذا الوصيد الكريم، يتطرق القارئ إلى حمى البيت القديم، ويتعرف إلى جد زغلول وأبويه وقرابته وطبائع قومه وأسرته، ومظاهر الحياة في بلدته، وإذا بك بعدها ترى سعداً في مدارج طفولته، وتتوسم مخايل نجابته، وتتتبع خطواته من مكتب القرية، إلى الجامع الدسوقي، إلى حلقات معهد الأزهر الكبير

وفي هذه القاهرة المعزية، اندمج الفتى سعد في حركة دعاة الإصلاح وألقى بسهمه مع سهامهم، وكان يحضر الدرس على الشيخ محمد عبده، ويختلف إلى مجلس السيد جمال الدين الأفغاني؛ وكان الأول أستاذاً له في الدرس وقدوة في الخلق، وأما لقاؤه للثاني بطبيعته الثورية فكان مرآة مجلوة لنفسه الجائشة وحافزاً لملكاته البيانية والخطابية

ومن ذلك الحين يصح الجزم بأن سعداً قد أتجه فعلاً إلى وجهته، واستقام على متن طريقه المقدورة له

ويتسع الأفق فإذا الثورة العرابية ومقاديرها ومعقباتها من نفي وتشريد وحبس. وتشاء العناية لسعد أن تقوم على خدمته ظروف وملابسات، فيفرج عنه على كره من أولياء الأمر. ولا يلبث طويلاً حتى يشق طريقه من المحاماة إلى منصة القضاء، ثم تحمله رغبة الحاكمين في إرضاء القومية المصرية وقتئذ إلى دست الوزارة

هنا تزخر حياة هذا الرجل بالأحداث، ويظهر أنه المدخور لنهضة وطنية عارمة تعم البلاد من أقصاها إلى أقصاها، وتؤلبها في قوة وإيمان على الغاصبين. ويمضي المؤلف في تاريخه الضخم يصورها أروع تصوير، ويدفع عنها المغالطة والنكير، في فصول حافلة طوال: في طريق الوزارة، سنة ١٩٠٦، وزارة المعارف ووزارة الحقانية، سعد الوزير، الحركة الدستورية، الوزير المصري في المعاش، في ميدان الانتخاب، الجمعية التشريعية في خمسة أشهر، قبيل الحرب، الحرب العظمى، تأليف الوفد المصري، بدء العمل، القارعة، الثورة، من القاهرة إلى مالطة إلى باريس، تأليف الوفد الأول، موقف الوزارة الرشدية، برنامج الوفد والامتيازات، الوفد في أوربا، من سفر الوفد إلى لجنة ملنر،

<<  <  ج:
ص:  >  >>