ولسنا نخاف على روح الفكاهة من هذا التجديد، فالبرهان قائم على صلاحية الفصحى العصرية لما ينطوي عليه الخلق المصري من حب للمرح والدعابة. لقد طاوعت فكري أباظة إلى آخر حدود المطاوعة. وإن تأسف لشيء فلأنه لم يقع لنا من كلام الأستاذ شيء قضائي يمكن أن يجد له محلاً في هذا البحث. ولكن إن فاتتنا دعابة فكري أباظة القضائية فلم تفتنا لحسن الحظ دعابة عمر بك عارف. أنظر إليه وقد قام يترافع في قضية قذف مشهورة كان المتهم فيها موظفاً استباح لنفسه أن يتدخل في السياسة وجمح به قلمه مرة فنال من رجل كريم.
(ولكن المتهم آثر التعرض للسياسة وما هو لها. وانصرف إلى التشيع فيها ورضي أن يكون موقفه منها موقف الزبانية من جهنم، فهو يطلع على خصومه يشع وجهه ناراً منتفخ الأوداج ينضنض بلسانه على لقم الطريق، إن تعرضوا له يلهث، وإن تركوه يلهث. ثم إذا فرغ من تعذيب الناس مما رماهم به من جارح القول عاد يتصبب عرقاً، وأخذ مجلسه من ديوان الصناعة والتجارة يمد يداً للوظيفة يعدها قرشاً قرشاً ويمسح عرقه بالأخرى كأنه أبلى في عمله الحكومي الذي أؤتمن عليه).
صورة بارعة بلغت فيها الدعابة الساخرة غاية ما يتمناه صاحب (النكتة البلدية) ولكن بلغة هي من أفصح ما يكون.
وليست مطابقة الكلام لقواعد النحو إلا عنصراً واحداً من عناصر لغة المرافعة الجيدة، فما هي عناصرها الأخرى؟