دوخوا بها أقاصي الأرض في ظلال بنودهم التي تحمل رمز رومة الخالد. . . النسر. . . ويذكر له أن روح روميو فلنيف تمرح في رياض عطارد ذات الزهر والأفواف. (٧) وتتفرق الأرواح عن دانتي، وينطلق جوستنيان غير مستأذن، ولكن شكوكاً كثيرة تثيرها كلمات الإمبراطور في نفس الشاعر من أجل الفداء البشري، فتشرع بياتريس تقشعها واحداً فواحداً من نفس خليلها؛ (٨) ويعرجان إلى السماء الثالثة حيث الكوكب الجميل المتلألئ فينوس (الزهرة)، وحيث يلقى الشاعر صديقه العزيز الكريم شارل مارتل الذي يحدث دانتي عن مملكته الواسعة المترامية الأطراف التي كان يسيطر عليها في الدار الأولى، ثم يتغير الحديث فجأة إلى الأبناء والأحفاد والسبب في اختلاف فطرتهم وطبائعهم عن طبائع آبائهم (٩) ويمضيان فيلقيان روح ابنة الهوى كيونيزا التي طالما فتنت قلوباً وعذبت بحبها أفئدة، والتي كانت تملأ الأرض فسوقاً وتفعم المدائن دعارة، ثم تابت وثابت، وندمت على ما قدمت، وأقبلت على فعل الخيرات؛ وحدث أن ورثت عن أبيها عدداً من الأرقاء فمنحتهم حريتهم، وبذلك غفر لها وتُقُبِّل توبتها، وهي في هذا المكان من فينوس لا تطمع في درجة أعلى؛ ويمضيان فيلقيان فولكو الشاعر المنشد فيحدثهم عن الزانية، خضراء الدمن، رحاب التي تابت هي الأخرى فغفر لها، وسكنت هذا الكوكب مع كيونيزا. وبعد أن ينتقد الشاعر فولكو بابا روما وينعى عليه تغاضيه عن استرجاع الأراضي المقدسة يعود فيتنبأ عن بعض الكوارث التي تتربص به طي الغيب، والتي ستسحق سلطته. (١٠) ويعرجان صعداً فيكونان في الشمس (!!) التي يعتبرها دانتي السماء الرابعة، وما يكادان يبلغانها حتى تحدق بهم ثلة من اثني عشر روحاً، ويتقدم أحدهم (توماس أكويناس) فيقدم أصحابه إلى دانتي ويخبره عن درجاتهم (١١) ثم يتوسع أكويناس في سرد حياة القديس فرنسيس، الراموز الملائكي للحب، ويلحظ أثارة من الريب تنشب في فؤاد دانتي فيحدثه عنها ويجلو له الحق الذي يمترى فيه. (١٢) وتقبل ثلة أخرى من اثني عشر تقياً فيتقدم أحدهم (القديس دومينيك) ويسرد أسماء أصحابه لدانتي. والقديس دومينيك هذا هو الراموز الملائكي للحكمة. (١٣) ويعود توماس أكويناس إلى حديثه مع دانتي، وكلما لمح أثارة من الشك في نفسه نبأه بها وجلاها له، وحذره من الوسواس وحذره من أن يحكم بقلبه أو عقله على شيء دون أن يدرسه ليصل إلى حقيقته. (١٤) ويبرز سليمان النبي من وسط الجماعة