ليس بخاف أن الأحزاب في فرنسا عديدة، حتى أن عددها بلغ العشرين في مجلس النواب الأخير؛ غير أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع: فكان حوالي ١٨٠ نائباً من النوع المعتدل، و٢٤٠ من النوع الراديكالي، و١٨٠ من النوع الاشتراكي. وبرغم أن الحزب الراديكالي كان متفقاً مع الحزب الاشتراكي حين الانتخابات وكونا (الجبهة الشعبية) ليفوزا على أحزاب اليمين، غير أنهما لم يكونا متفقين على إنشاء حكومة مشتركة بينهما، لأن مبادئهما الاقتصادية مختلفة. ولذا لم يكن في مجلس النواب الأخير أكثرية متجانسة تستطيع تأسيس حكومة قوية وثابتة.
وكان الحزب الراديكالي، وهو أكبر حزب في المجلس، (مفتاح الحكومة) فإن استطاع نيل تأييد الاشتراكيين له فيقال في اللغة البرلمانية، إن الحكومة (حكومة ائتلافية) وإن اشترك في الحكم مع المعتدلين، فيقال إن الحكومة (حكومة الاتحاد القومي).
ولقد رأى مجلس النواب الأخير هذين النوعين من الحكومات: فبعد أن فازت (الجبهة الشعبية) في الانتخابات شكلت (حكومة ائتلافية) كان فيها معظم الوزراء من الراديكاليين؛ لأن حزب مسيو بلوم لم يشترك في الحكم، ولكنه أيد الحكومة. وكان في يد الزعيم الاشتراكي مصير هذا النوع من الحكومة، فإن نزع ثقته منها سقطت فوراً. وقد استعمل مسيو بلوم هذه السلطة مراراً؛ فأدى ذلك إلى أزمات وزارية حادة تلا بعضها بعضاً بفترات قصيرة. وسقوط وزارات بونكور، دالاديه، وسارو السريع عام ١٩٣٣ سبب (إفلاس)(الائتلاف).
وبعد (الفضيحة الستافسكية) وحوادث ٦ فبراير، اضطر الحزب الراديكالي إلى ترك رئاسة الوزارة والاشتراك مع المعتدلين في الحكم. فتأسست وزارة مسيو دومرك، وتلتها وزارتا مسيو فلاندان ومسيو لافال. ودُعيت هذه الوزارات (وزارات الاتحاد القومي). على أن هذا الاتحاد لم يكن عاماً إذ لم يشترك فيه طرفا مجلس النواب أي الشيوعيين والاشتراكيين من جهة، والمحافظين من جهة ثانية. ولذا يمكن القول بأن هذه الوزارات ما هي إلا وزارات (ائتلاف أحزاب الوسط).
وفي المدة الأخيرة من حياة مجلس النواب الأخير، تخلى الحزب الراديكالي عن وزارة مسيو لافال، وعاد إلى نوع الحكم السابق أي إلى إقامة حكومة ائتلافية بالاتفاق مع