للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كان يذهب إلى المربد يأخذ عن اهله، ويخرج الأباء إلى المربد يأخذون الأب من جمل بليغة وشعر بليغ وأمثال وحكم، مما خلفه عرب البادية وتوارثوه عن آبائهم؛ كما فعل الجاحظ؛ يقول ياقوت: إن الجاحظ أخذ النحو عن الأخفش وأخذ الكلام عن النظّام وتلقف الفصاحة من العرب شِفاها بالمربد. وبذلك كان المربد مدرسة من نوع آخر تغير برنامجها في العصر العباسي عن برنامجها في العهد الأموي وأدت رساله في هذا العصرتخالف رسالتها في العصر السابق.

آخر الأخبار عن المربد:

في ثورة الزنج التي ظهرت في فرات البصرة والتي بدأت سنة ٢٥٥هجرية حدث قتال بالمربد بين الزنج وجيش الخليفة، فاحترق المربد؛ روى الطبري قال: يقول ابنسمعان: فاني يومئذ لفي المسجد الجامع إذ ارتفعت نيران ثلاث من ثلاثة أوجه: زهران والمربد وبنى حمان في وقت واحد، كأن موقديها كانوا على ميعاد، وجل الخطب وأيقن أهل البصرة بالهلاك. وتوالت فيه الحرائق وعوتب شاعر البصرة أبو الحصين بن المثنى على أنه لم يقل شيئا في حريق المربد؛ مع أن المربد من أجل شوارعها، وسوقه من أجل أسواقها، فقال ارتجالا في آخر حريق لها:

أتتكم شهود الهوى تشهد ... فما تستطيعون أنتجحدوا

فيا مربديون ناشدتكم ... على أنني منكم مجهد

جرى نفسي صاعدا نحوكم ... فمن أجله احترق المربد

وهاجت رياح حنيني لكم ... وظلت به ناركم توقد

ولولا دموعي جرت لم يكن ... حر يقكم أبداً يخمد

ويذكر ابن الأثير في حوادث سنة٤٩٩ م أن سيف الدولة صدقة بن مزيد تقاتل مع إسماعيل فنهبت البصرة وغنم من معه من عرب البر. . . ولم يسلم منهم الا المحلة المجاورة لقبر طلحة والمربد. فان العباسيين دخلوا المدرسة النظامية وامتنعوا بها وحموا المربد وعمت المصيبة بأهل البلد سوى من ذكرنا. ويقول ياقوت (إن المربد كان سوقا للإبل، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس وهو الآن: (عاش ياقوت حتى سنة ٦٢٦هـ) بائن عن البصرة؛ بينهما نحو ثلاثة أميال، وكان ما بين ذلك كله عامرا وهو الآن خراب،

<<  <  ج:
ص:  >  >>