للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تطيران أمامه تدلانه في غياهب الغابة، فما لبث يتبعهما حتى حطتا على الشجرة التي تحمل الغصن الذهبي فتسلقها واقتطعه وعاد به إلى سيبيل. ونهضت النبية، وقادته إلى كهف منشق وسط الغابة فوق حيد وحر من أحياد فيزوف (البركان المشهور) حيث أمرته أن يقدم قرابينه إلى الآلهة بلوتو وبروزربين وهيكاتيه وسائر أرباب هيذر. فلما فعل، ارتفعت صيحات عظيمة من أغوار الكهف، ثم نظر فرأى البركان يميد ويزلزل ويكاد يغوص بمن فيه في جوف الأرض، ثم يسمع عواءً ونباحاً ووعوعة فيتلفت فيرى ذؤباناً وكلاباً تهمهم في جنبات الكهف، جائية من الظلمة التي تتدجى في آخره، معلنة قدوم أرباب هيذر. وتوصيه سيبيل بالصبر! وينطلقان حتى إذا كانا لدى وصيد (عتبة) باب جهنم نظرا فرأيا أشباحاً بربرية مظلمة مربدة الوجوه يسأل عنها إينياس ما هي فتجيبه سيبيل إنها الأحزان والهموم والأوصاب والشيخوخة والخوف والجوع والعناء والفقر والموت. . . وسائر ما في الحياة الدنيا من آلام. . . وقد أقامت عندها ربات الذعر فهي تتقلب على فراش خشن من فراش الجحيم ويرى بينها (دسكورديا) ربة الخصام وفوق رأسها - مكان الشعر - حيات وأفاع تتحوى وتنفث سمومها، ويرى أيضاً طائفة مروعة من الوحوش والضواري والتنانين مثل هيدرا وبرياريوس، فينزعج إينياس ويمتشق سيفه ليحمي نفسه، ولكن سيبيل تنهاه وتطمئنه فيلملم أذياله ويقتفي أثرها حتى يكونا عند نهر كوكيتوس المتكون من دموع المعذبين. وهنا يريان (خارون) في زورقه الجبار ينقل أرواح الموتى، كثيرة كأوراق الخريف من عدوة إلى عدوة، والأرواح تتدافع تريد أن تسبق، ولكن خارون ينتخب منها الطائفة بعد الأخرى ويدع الآخرين، فيسأل إينياس فتجيبه سيبيل أن الأرواح التي أديت لها شعائر الدفن الجنائزية هي وحدها التي تعبر النهر. أما التي حرمت فتهيم فوق الشاطئ دون أن تعبر مدى مائة عام أو تزيد حتى يأتيها الفرج (!). ويجزع إينياس حين يرى في هؤلاء كثيرين من أصحابه الذين ذهبوا ضحية العاصفة فكانوا من المغرقين؛ ويشتد حزنه حين يرى فيهم روح ربّانه الشجاع بالينيوروس الذي غرق في الرحلة إلى أسبريا. ويكلمه فيرجوه الربان أن يمد إليه يده فيجتاز به اليم إلى الشاطئ الآخر، ولا يوشك إينياس أن يفعل لولا أن تنهاه سيبيل!! خشية أن يخرق شرائع بلوتو، وتطمئنه فتخبره أن الأمواج ستقذف جثمان صاحبه إلى الشاطئ وسيدفنه الناس حين يرونه. ويتقدمان إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>