للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان لمسيو (دي لاروك) مجهودات عظيمة أدت إلى فوز الشيوعيين والاشتراكيين! فالشعب الفرنسي محب للحرية ولا يبغي بالديمقراطية بديلا. فلما قام الكولونيل دي لاروك بحركته الفاشستية وأخذ فريقه (الصليب الناري) يتسع بين العائلات المثرية، أحس الجمهور الفرنسي بالخطر الذي يهدد حريته وديمقراطيته، فعمل على تلافيه قبل استفحاله، فأرسل إلى (قصر البربون) أكبر عدوين للفاشستية مظهراً بذلك مقته للدكتاتورية وسخطه على (المائتي عائلة). . . وهكذا تحققت كلمة مسيو بوانكاريه: (كلما خافت فرنسا الدكتاتورية رمت بنفسها في أحضان اليسار).

ومما لا شك فيه أن تنظيم صفوف أحزاب اليسار، ووضعهم منهاجاً مشتركاً للإنتخابات، كان عاملاً قوياً في تفوقهم؛ كما أن الفوضى في أحزاب اليمين وتنازعهم أصوات المنتخبين وعدم إيجاد منهاج مشترك لهم أدى إلى خذلانهم وساعد على فوز الجبهة الشعبية. على أن هذا لم يكن كل شيء، بل كانت الأسباب السياسية التي تحدثنا عنها أكبر عوامل للوصول إلى نتيجة الانتخابات الأخيرة.

- ٣ -

لقد فاز الحزب الاشتراكي وأصبح أكبر حزب في مجلس النواب، وشكل حكومة ذات منهاج متين تؤيده أكثرية كبرى في مجلس النواب. فهل ستظل هذه الأكثرية الكبيرة معاضدة للحكومة، أم ستجابه مسيو بلوم الصعوبات التي جابهت زميله مسيو هريو من قبل؟

مما لا شك فيه أن مسيو بلوم رجل عمل و (رجل دولة) ولكن هذا وحده لا يكفي لإيجاد حكومة ثابتة، إذ يجب، قبل كل شيء، أن تسند هذه الحكومة أكثرية دائمة. فالحزب الاشتراكي وحده لا يستطيع الحكم وإن اتفق مع الحزب الراديكالي فلا يكونان أكثرية. ولذا فهو في حاجة إلى إشراك الحزبين الجالسين عن يمينه وعن يساره في الحكم. غير أن الحزب الشيوعي رفض الاشتراك في الحكومة، ولكنه أيدها وليس للاشتراك والتأييد نفس المفعول، لأنه عندما يشترك حزب في حكومة يشترك في المسؤولية أيضاً، فخذلان الحكومة معناه خذلانه في تلك الحالة. لذا وجب عليه المدافعة عن الحكومة ومعاضدتها. أما إن أيد الحكومة فحسب، فإنه لا يشترك في المسؤولية ويستطيع سحب ثقته من الحكومة في

<<  <  ج:
ص:  >  >>