وقت قصير جداً وقد ركبها رجل وفتاة، وإن الرجل قال حين سألته عن الباقين - منا -: إنه ذاهب ليشتري لهم شيئاً ثم يعود. فسألته عن الاتجاه الذي ذهبا فيه فأشار إلى القناطر وطريق القاهرة.
فطلبت أن يجيئنا بتاكسي بسرعة، وقلت للولو:(إذا حقق الله ظني فسيخيب أمل السارق وفتاته، لأن السيارة ليس فيها من البنزين ما يكفي إلا عشرة كيلو مترات على أكثر تقدير، وأنا أرجو أن يخطئ الخطأ المعقول أي أن يتوهم أن من يجيء إلى القناطر بسيارة لابد أن يكون قد تزود الكفاية من البنزين للذهاب والإياب معاً، فيمضي معولاً على ذلك ومتخوفاً من أن يقف في القناطر لأخذ بنزين آخر فتقف به السيارة في الطريق حيث لا بنزين، ولا يخطر له في أول الأمر أن هذه هي العلة فيدور يبحث عن سبب آخر لوقوفها ويضيع في هذا وقتاً ثميناً ثم ييأس فيتركها في الطريق وينجو بجلده).
وكنت أنا مقتنعاً بهذا الرأي حتى اشتريت (صفيحة بنزين من القناطر وضعناها معنا في التاكسي وقلت للولو: (لهذا فائدة أخرى هي أن يعتقد سائق التاكسي حين نتركه ونركب سيارتنا أنا ما استأجرنا سيارته إلا لهذا السبب، فلا يروح يعجب أو يسأل عن شيء ولا يبدو له شيء غريب في عملنا).
وقد شاء الله أن يحقق ظني فما كدنا نقطع خمسة كيلو مترات من الطريق بعد أن تركنا القناطر وأخذنا في سكة قليوب حتى وجدنا السيارة. وأوجز فأقول إنا ركبناها فرحين وعدنا إلى القناطر عسى أن نجد بقيتنا. فلما لم نجد أحداً تركنا لهما خبراً عند الحارس النائم ثم حملناه معنا إلى مركز البوليس لنسرهم ونعفيهم من البحث فعلمنا أن أصحابنا أبلغوهم خبر السرقة، وأن بعض الشرطة خرج للبحث وأن الخبر طير بالتلفون إلى قليوب والقاهرة ولجهات أخرى أيضاً لضبط السارق في الطريق. فشكرنا لهم هذه الهمة التي لم تكن متوقعة ثم قلت لهم:(إن المهم الآن هو البحث عن زوجتي!).
فصاح الرجل (إيه؟).
قلت:(إنها مع قريبي وقريبها).
قال:(انتهينا).
قلت:(كلا لم تنته. . وما أدراك أن هذه ليست سرقة أخرى أفظع وأشنع؟).