للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صبغ ناحية هامة من الأدب الإسلامي لم تكن مزدهرة قبل ذلك. ولولا مخافة الإملال لسقنا لك هذه المقارنة، فارجع أنت إلى الخلاصة التي أعطيناكها في العدد السابق للكتاب السادس من الأنيد، ثم ارجع إلى سيرة ابن هشام أو تفسير الطبري أو قصة المعراج لنجم الدين الغيطي تجد أننا لم نبالغ قط في كلمة مما قلناه.

صور تأثر بها دانتي من القرآن الكريم

كانت هزائم المسيحيين المتوالية في الحروب الصليبية والتي انتهت بفشل هذه الحرب تذكي نيران البغضاء والحنق في قلب دانتي على الإسلام والمسلمين، وقد رأينا كيف بلغ به عَتهُهُ وضيق عطنه أن زج بالرسول صلى الله عليه وسلم وبابن عمه علي وبالسلطان صلاح الدين في جحيمه، وكيف جعلهم مع الفجار وأهل الفسق والمهرجين في درك واحد. وليس معقولاً أن تنتهي هذه الحرب دون أن تكون لها نتائجها من احتكاك الأذهان بين الشرق والغرب ومن إلمام الغرب بشطر كبير عن الإسلام ونبي المسلمين وكتاب المسلمين، والذي يتلو ما جاء في السور المكية من نذير شديد وأوصاف ممتعة لجهنم ودركاتها لا سيما في سور الأعراف والصافات والواقعة وجزء عم يروعه تأثر دانتي بالقرآن الكريم فيما ذكره في الـ (الجحيم)، فبرغم وثوقنا من أنه سار على درب فرجيل في الجزء السادس من الأنيد في هذا الجزء من كوميدياه إلا أننا ندهش لكثير من وجوه الشبه بين ما جاء في جحيمه وما جاء في القرآن من وصف جهنم وأهلها. ونحن نحيل القارئ هنا أيضاً على السور التي ذكرنا وعلى الملخص الذي عملناه لجحيم دانتي.

ولا ريب أنه تأثر أيضاً بالقرآن الكريم في فردوسه، ولكنه أثر غير عميق، إذ كان ينهج في جنته منهاج فرجيل في الأنيد، وبحسبنا ما قدمنا من خلاصات.

دانتي والأدب اليوناني

المشهور عن دانتي أنه لم يكن يعرف اليونانية، ولكن هذا لم يمنعه من الإطلاع على الأدب اليوناني اطلاعاً وإن يكن أبتر قليل الغناء إلا أنه كان ذا أثر كبير في تكوينه الأدبي. ومما لا شك فيه أن دانتي قرأ ما قرأ من أدب اليونان في التراجم التي قام بها مواطنه الشاعر الكبير أوفيد تلك التراجم الخالدة التي حفظت لنا جانباً كبيراً من أساطير الإغريق وتراثهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>