المرأة الاختلاط بالأجانب مع وجود زوج أو محرم لها، ليكون هذا الاختلاط بريئاً بعيداً عن الريبة، وينحصر في الأغراض الصحيحة التي تقصد منه، كاستفادة علم أو أدب، أو أنس بحديث ونحوه.
ومن تلك السنن ألا يتبرجن عند خروجهن من بيوتهن، ولا ينظرن إلى الرجال نظرات غير بريئة، ولا يظهرن من أجسامهن ما لا حاجة إلى إظهاره، وما إلى هذا مما جاء في قوله تعالى من سورة النور:(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بيني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الأربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). وكما أمر النساء بالغض من أبصارهن في هذه الآية أمر الرجال بالغض من أبصارهم في الآية التي قبلها:(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله خبير بما يصنعون).
قال الفخر الرازي في تفسير ذلك: جميع بدن الحرة عورة، ولا يجوز للرجل أن ينظر إلى شيء منه إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى كشفهما لأجل البيع والشراء والأخذ والعطاء. ولهذا لما نهي النساء أن يبدين زينتهن استثني من ذلك ما ظهر منها. وقد قال القفال: إنه الوجه والكفان. وألحق بعض الفقهاء بهما الذراعين والقدمين. ثم إن نظر الرجل إما أن يكون لغرض كنكاح أو معاملة، وهو جائز بلا خلاف، وإما أن يكون خالياً من الغرض، فإن كان بشهوة كان حراماً، وإن لم يكن بشهوة كان جائزاً في مذهب بعض الفقهاء. وقيل إنه لا يجوز، ولكن هذا لا يلزمه إلا وجوب غض لبصر، ولا يلزمه وجوب ستر المرأة وجهها بنقاب ونحوه، بدليل أن النظر إلى الأمرد بشهوة حرام، ولم يقل أحد أنه يلزمه أن يستر وجهه، لأن هذا حرام عليه لما فيه من التشبه بالنساء. وأظهر من هذا في ذلك أن النظر بشهوة إلى حيوان جميل أو صورة جميلة حرام أيضاً، ولا يعقل أن يكلفا بهذا النقاب، وإنما يحرم النظر بشهوة لما يصحبه من إرادة الفسق. فإذا كان مجرد استحسان