للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن كتابته عالية. ثم أخذ يسرد علينا قصة مجيء ناظم باشا إلى دمشق والحفاوة البالغة التي حظي بها قال:

(. . . ثم أتى دمشق بعد أن زار ابنتيه في بيروت، وكان ببزة عادية، فبقي فيها عدة أيام زارني خلالها في (السرايا) فاستقبلته بكل حفاوة وتعظيم تقديراً له وإكراماً لأعماله العمرانية التي أودعها في مدينتا. . . وعند خروجه اصطفت له جنود الحرس وأقامت له التحية الرسمية، وودعته أنا حتى الباب الخارجي، وقد احتفى به معظم وجوه دمشق، وتقدموا إليه بهدايا عديدة رفضها بكل إباء. وكان قد أحس نقيب الأشراف بوجوده فأتاه في اليوم التالي ورجاه أن يطيل بقاءه بضعة أيام أخر لتقوم دمشق بواجبها نحوه، فاعتذر بضرورة مغادرته المدينة إلى بيروت، حتى أن السلطة الفرنسية تقدمت إليه بمنتهى الإكرام. وإني أذكر أن الكولونيل كاترو أدّب له وليمة فاخرة كنت من المدعويين إليها. ولم يُظهر ناظم باشا مدة إقامته بدمشق عجزا أو حاجة مالية قط. وربما شعر بعض أصدقائه بشيء فتقدموا نحوه بعطايا كما ذكرنا فرفضها. ومن ذلك أن رجلاً يدعى (شيخو آغا) كان (ياورا) عند الوالي، جاءه بكل خضوع وبيده كيس صغير فيه (٥٠٠) دينار، واستعطفه بلطف ورجاه أن يقبله منه كهدية، قلت أو كثرت، فهي من خيراته السالفة التي أنعمها عليه، فأبى بعفة نادرة. . . ثم مات منذ خمس سنوات. . .).

حدثت هذه المقابلة اتفاقاً، فلم أرد أن أهملها أو أخفيها على قراء (الرسالة) الغراء خدمة للحقيقة والتاريخ.

وإنا وإن كنا نستسيغ للأستاذ الطنطاوي الخيال المبدع في القصص، فإننا لا نود أن يتسمح في الحقائق التاريخية. وإن إعجابي الشديد بمتانة أسلوب أخي الأستاذ الطنطاوي، وقوة إنشائه، شجعاني لتصحيح هذه الناحية من قصته إتماماً لفنه القصصي البارع، والسلام.

(دمشق)

علاء الدين الخاني

المسألة الاستعمارية

ظهرت في العهد الأخير نزعة استعمارية جديدة في بعض الدول التي لم تتح لها فرصة

<<  <  ج:
ص:  >  >>