القاتل الذي يقتل صاحب الفضل عليه عند الثقة به والركون إليه، والسارق الذي يسطو على الآمنين ثم يسلب الأموال والأعراض ولا يبقي على الأطفال والنساء. هذا القاتل السارق بماذا نعرفه ومن يكون؟
(أسفل المجرمين) لا يعرف حتى تنسب إليه تهمة، وحتى يأخذه بها القضاء العادل بعد مدافعة ومطاولة. ومع هذا فأنه من المؤلم أن نصفه بأنه (أسفل المجرمين).
أما في الخصومة الحزبية هوادة ونصفة؟ أما لهذا الفجر الزاخر آخر؟ أما لهذا الظلام نهاية؟)
بل انظر إلى هذا الانفعال الحق يستولي على النائب المترافع وقد قرأ للمحكمة بعض هذا المقال القادح فراح يؤدب العادي على الأدب بعصا الأدب ولا يفل الحديد إلا الحديد.
(إني آسف كل الأسف لإيلام المجني عليه بهذا النقل ولكني أنقل هذا الكفر مكرهاً عن المتهم.
أكل هذا يقوله هذا المسكين المعدم في أدبه الفقير إلى عصا التأديب، ويتقدم صاحبه الشيخ الوقور بالتنويه به والتهليل له ويدعوه في صحيفته بالأستاذ.
المتهم. . . صاحب القلم الجارح ما منشؤه وأين من كوّنه؟
لله أبوه! ألا يكون لي الشرف فأراه لأعرف رأيه فيه وهو يغمس قلمه المسموم في دماء الوادعين كما تنفث الرقطاء الزعاف؟ بل قلمه أسفل وأقتل، فالرقطاء قد تذود عن نفسها بسلاح أعد لها، وهذا يذود عن الرذيلة بسلاح لم يخلق لرجل كريم العنصر وله ضمير حي).
وهاهو ذا يهدأ بعد هذا العنف اللازم فيعرض لتعريف النقد المشروع في إحكام وحسن تعبير مدهشين فيقول:
(أساس النقد أن تعني بدرس الأمر فتتبينه جملة جملة، وترى أي أجزائه خير، وأي أجزائه لا يتسق مع باقيه في جمال الوضع وتناسق التكوين؛ على أن يكون الناقد نزيهاً لا غرض له إلا الحق. ولا تتم له ملكة النقد إلا بعد أن يكون من القوة على تمييز الأشياء بعضها من بعض في الموضع المسلم له به.
والناقد حكم، والحكم قاض، والقاضي أعلى من أن يتصف بهجر القول وإلا فليس بناقد. .