للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

).

ولنقف عند هذا الحد في الاستعراض وإلا ساقنا هذا الإبداع وأمثاله إلى أبعد مما يريد القائمون على الكتاب الذهبي

لغة الأحكام

تمهيد ومقارنة

الحقيقة مطلب البشر منذ أن قام للبشرمدينة. طلبها في الدين، طلبها في العلم والفلسفة، وطلبها في التشريع وفي توزيع العدالة.

والأحكام هي أداة هذا التوزيع. فهي عنوان الحقيقة.

وعنوان الحقيقة يجب أن يكون جديراً بها من حيث شكله على الأقل وهو الذي يعنينا في هذا البحث.

لقد تحدثنا عما يجب توفره في لغة المرافعات فوجدناه كثيراً بل مرهقاً. يتطلب كفايات عدة ألمعنا إلى بعضها. فهل يصدق على الأحكام ما يصدق على المرافعات؟

لنتدبر طبيعة كل قبل أن نحاول الإجابة على هذا السؤال.

المرافعة نوع من الأدب الخطابي يرمي بالإقناع أو تحريك العواطف إلى خدمة مصلحة معينة.

والحكم تقرير للحقيقة كما استطاع أن يراها القاضي على ضوء عناصر الدعوى ومرافعات الخصوم.

الأولى ثمرة جهاد مقاتل يبتكر الوسائل الكلامية المؤدية إلى الظفر. والثاني عمل حكيم هادئ يتحسس مكان النصفة فيدل عليه.

يستحيل إذن أن يكون نوع اللغتين واحداً: فإحداهما متغيرة متوثبة أبداً، والأخرى ساكنة مستقرة أبدا.

ولكن أمعنى هذا أن مهمة القاضي إذا ما جلس لكتابة الحكم أيسر من مهمة المحامي إذا وقف للدفاع؟

إياك وهذا الاعتقاد! صحيح أن مهمة القاضي لا تستلزم الابتكار، وهو عمل شاق يرهق

<<  <  ج:
ص:  >  >>