ماذا تركت مصر لله في هذا الوجود يا صاحب النشيد؟ أليس هذا كفراً صريحاً؟!. . .
الحق إن النشيد الوطني الجدير بهذا الاسم يجب أن يكون خاليا من هذا الشرك وأن يكون بعيداً عن (توارد الخواطر) إلى هذا الحد، وأن تنتقى ألفاظه وقافيته بحيث تكون كلها من حروف المد أو مسبوقة بحروف مد لأنها تكون شجيه الترديد. وإذا كنا نجيز مكافأة مؤلف نشيد كهذا بمائة جنيه فلسنا نفهم كيف يمنح ملحنه مبلغاً مماثلاً لما أخذه المؤلف. اللهم إن هذا إسراف في بلد هو أحوج البلاد إلى الاقتصاد!. . .
(وبعد) فقد أحسنت الوزارة الماهرية في سن تلك السنة الحميدة بإقامتها مباراة ذات جوائز مالية سخية لتشجيع الأدب ورجاله ونرجو أن تحافظ وزارة الشعب المحبوبة على هذه السنة الجميلة!. . .
وأحسب أن المدى الذي كان محدداً للمباراة لم يكن يصح تطبيقه على موضوع النشيد الوطني - وكان الأولى أن يفسح في أجله ليكون هناك متسع من الزمن أمام الشعراء فيتسع مجال الإجادة فلا تجيء الأناشيد ناقصة ضعيفة من عدم التروي والأناة مما دعا لجنة التحكيم إلى أن تقول في تقريرها - كما ورد في الرسالة الغراء - (إن أجود الأناشيد التي عرضت عليها لم تخل من أبيات أو فقرات ضعيفة إلى جانب أبيات أو فقرات جيدة، ولهذا أخذت كل نشيد بمجموعة، لا ببعض أجزائه).
لقد كانت هذه الخواطر وغيرها تتردد في نفسي، وكلما هممت بالكتابة في الموضوع ثناني عنه أنني لم أر أحداً يقدم على نقد النشيد بعد أن (اعتمدته) وزارة المعارف ولُقن لأفراد البعثة الرياضية التي سافرت إلى برلين، وظللت على ذلك حتى طلع علينا الأديب (س ط) بكلمة قصيرة في العدد ١٦٣ من (الرسالة) الزهراء عن الغلطة الأولى في النشيد، ولما وجدت أن (ابن الحلال) قد فتح الباب تقدمت أنا الآخر بكلمتي.
ورجائي أن يعيد أولو الأمر نظرهم في المسألة من جديد ويقيموا مباراة لوضع نشيد قومي كامل يحدد لها نصف سنة على الأقل، ويدعى لها الشعراء المصريون المعروفون للتقدم بما عندهم من الأناشيد أو لوضع غيرها حتى يكون لنا نشيد جدير بالخلود كما للدول الأخرى الراقية.
وأخيراً فأنه من الوفاء لهذا البلد أن يقف العمل بنشيد الأستاذ محمود صادق حتى يوضع