- (لا! بل أتكلم! لن يخدعني لسانك! إني مطمئن إلى قلبك، إنه ينبض لي كما كان ينبض قبل زواجك. . . بل هو الآن يخفق خفقاناً شديداً، إنه يدعوني ويعطف علي. . . إنه يُفضّلني. . . ولكنك تعاندين. . . ارحميني يا روحية. . . لن أدعك تفلتين هذه المرة ولو ربطتك السماء نفسها بسلاسل ذهبية! أنت لي، أنت لي دون هذا الحيوان الذي انتزعك مني، أنا أعرف هذا أنا أعرف ما بينكما من بغضاء! أعرفه كله! ثقي أنه لن ينتهي عما نهيته عنه! البهيم! الوحش الذي يعذبك ويضنيك! سيصير فقيراً معوزاً عما قريب! لقد بدأ يبيع (أطيانه) ويرهن ما لم يبع! وجسمه سيتهدم، وقد يجرفك سيل خرابه؟ روحية! كبرياؤك تذيب قلبي وتصهره! صديقتك أمينة! لقد ذكرت لي كل شيء. . . أ. . .
- (أمينة!
- (أجل. . . أمينة أعز صديقاتك. . . الأفعى! اتركيه لها! سيقصم ظهرها أو تقصم ظهره قريبا. . . لقد سقطا يا روحية فاطمئني.
- (حسبك يا صلاح. . . كفى. . كفى. .
- (لا. . . ليس حسبي. . . ينبغي أن ننتهي!
- (ننتهي كيف!
- بأن تكوني لي. . .
- (أكون لك. . . وهل تقبل! أنا؟
- (أقبل؟ أنا أرجوك وأضرع إليك. . . لا حياة لي بدونك يا روحية!
وصمتا ساعةً، وكانت دموع نحيلة تسقي حبهما الذي انتعش بكل ما كان له من قوة وحياة، وكان الليل المصري الجميل يرثى لهما فيهب نسيمه عليلاً رخياً كأنفاس العذارى، وكان صلاح قد حمل رأس حبيبته على صدره الرحيب وراح يقبله ويربت عليه بأصابعه المرتجفة. . . وكانت أصابعه المرتجفة تنسى فتمر بكل ما فيها من حب وبراءة على الذقن وفوق الخدين. . . ثم. . . ثم انحنى صلاح يتشمم بفمه المرتعش فم ملاكه الغارّ في أحلامه فوق صدره. فاضطربت روحية، وانتفضت انتفاضة هائلة، وهبت من آلامها مذعورة، وتمتمت: (صلاح! لا يصح! أنا زوجة. . . لا أخونه حتى أرى!).