وكانت الساعة الواحدة! وقد سافرت آخر قاطرة من قاطرات الترام إلى القاهرة منذ بعيد! ولم يبق في الجهة سيارة تحملهما إلى هناك! فهل يقطعان الطريق على الأقدام؟ هذا أمر شاق. . .
- (لا تنزعجا! سأوصلكما في سيارتي!!
من هذا؟ من صاحب هذا الصوت! يا للهول؟ إنه بيومي، خرج الساعة فقط من فندق ميناهاوس!! إنه يترنح من السكر وهو لا يكاد يعي! وأمينة! أمينة معه أيضاً في تلك الساعة المتأخرة من الليل! ماذا كنا يصنعان هنالك؟
(أوه؟ أنت روحية؟ ومن هذا؟ آه! أحد عشاقك! ترى! أين كان يتمتع بك الليلة؟ هه؟ هناك! في حرم الفراعنة ولكن، اركبا، اركب، ليس الآن!. . .).
وصعد الدم يغلي في رأس صلاح، وأوشك أن ينقض على غريمه الوقح فيضغط على عنقه ليذيقه وبال أمره لولا أن نحته روحية وأشارت عليه بركوب السيارة. . . وحينئذ، فكر قليلاً وتقدم إلى مكان السائق. وجلست روحية إلى جانبه، وجلس بيومي وأمينة في الخلف، وانطلق صلاح ينهب الطريق الهادئ، وبرزت الأجيال القديمة كلها من تحت الرمال تنظر إلى أبطال القمة المؤلمة. . . الزوج الخائن. . . ولصديقة الخائنة. . . والمحب الهائج. . . والزوجة الثائرة. . .
وجعل صلاح يفكر. . . وأيقن أن الخمر قد سيطرت على دماغ خصمه. . . فهل يستطيع أن يجعلها من جنوده ضده؟! سيرى. . .
واقتربت السيارة من الجيزة. . . وبدا النيل يصطخب من بعد. . . وأزبد عبابه وجرجرت أواذيه. . . وأوقف صلاح السيارة على بعد مائة متر نحوها من النهر العظيم، ثم نزل منها وأشار إلى روحية فأطاعته ونزلت هي الأخرى. . . وهي لا تدري لماذا نزلا، وحملق صلاح في غريمه فوجده يخاصر أمينة وقد غلبهما النعاس والسكر فناما نوماً عميقاً. . .
- (بيومي أفندي! بيومي أفندي! استيقظ! هلم أنت فسق سيارتك، أنا ماض إلى بعض شؤوني في الجيزة!).
وشخر بيومي شخيراً مفزعاً بأنفه الغليظ، ونهض من مكانه متثائباً ليجلس مكان السائق وهو لا يعي من أمره ولا من أمر سيارته شيئاً. . . ثم أدار العجلة دورة آلية فانطلقت