هي في بيت الزوج لنفسها أولاً، وكل غيرة تبدو منه إنما تتجلى لديها كفراً بالتمدن وتقهقراً معيباً، تعودت أوتار قلبها أن تشد جواباً لكل قرار، فهي تدفع بالإيقاع الموقت مرافقة رنين أي وتر وتستعذب نغماته، روحها شاردة مضللة، فهي منبت أطفال يأتون الحياة مروعين، في أعصابهم تشوش، وفي أدمغتهم اختلال. . .
هذه خطوط كبرى لرسوم تمر مشاهدها أمامنا كل يوم في هذه البلاد الشرقية، وهذه المشاهد هي مركز العلة فينا ومصدر كل ما نشكو من تأخر وانحطاط.
إن سيادة الرجل على المرأة لا تعني قتل الحوافز الطبيعية لتضليل الانتخاب الخفي وفيه سر تحسين الأنسال، كما أنه لا يعني استضعاف الرجل أمامها لتجعل نفسها ملهاة وألعوبة بين أيدي الفاحشين من الرجال.
لقد أدخلت مدنية الفرس على الحضارة العربية بدعاً لابد من التحرر منها، وجاءت المدنية الغربية تستهوي مجتمعنا بما اتضح زيفه لدى مفكري الغرب أنفسهم لخروجه عن المحور الطبيعي للحياة، وهذا الذي يراه أنصار الطفرة خليقاً بالإعجاب من حرية المرأة، المتطرفة، إن هو في نظرنا إلا عنوان عبوديتها وذل الرجل المتساهل فيها.
إن آدم وحواء أخرجا من الجنة وكل منهما حامل ناموس حياته، وسواء أكان ما جاء في التوراة تاريخاً حقيقاً للمؤمنين أم كان أسطورة خيالية لغيرهم، فإن المفكر ليجد فيه النظام الذي لا تستقر الإنسانية على سواه.
لقد تمردت المرأة في العالم الحديث على وظيفتها الطبيعية وصاح كثيرات من الكاتبات في وجه الدنيا قائلات: لا نريد أن يحسبنا الرجل آلة للاستيلاد، نحن مساويات له في مجال التفكير والعمل. وكهربت هذه الكلمات أعصاب العدد الأوفر من النساء فتمردن على الأمومة واندفعن مطالبات بالعمل الحر استناداً إلى مبدأ الشخصية قبل النوع؛ وهكذا نشأ العراك بين الرجل والمرأة في ميدان الأعمال وفي مجال الحقوق والواجبات.
إن الطبيعة نفسها قد قسمت العمل بين الرجل والمرأة فألصقت كفه بالمحراث وألصقت صدرها بالمهد. فحسبت المرأة أن في موضعها كل العبودية، وخيل لها أن في مركض جهود الرجل كل الحرية، فسلخت صدرها عن مستقر الطفل واندفعت إلى المحراث، فتعطل الحرث العميق في الأرض منابت القوت، وساد الظلام على البيت منابت الأطفال.