(الرسالة): (وما اشترط في صحة الرجعة إنما اشترط ضماناً لبقاء الحياة الزوجية صحيحة سالمة من إرادة العبث بها وبعداً عن مواطن الشبهات وعن الإضرار بالمرأة عن إرادة النكول والجحد لإضاعة حقها) إلى آخر ما أفاد حفظه الله. فأن هذا كله صحيح ومتين، ولكن لا يصح بل لا يصلح أن يكون علة تبعث الشارع على الحكم بالوجوب بعد أن كانت الدواعي والبواعث متمكنة من النفوس بالإشهاد عند ملابسة الشك والخوف كما يشهدون في النكاح والبيع مع عدم وجوبه شرعاً. . . ومصاص الحقيقة وزبدة المخض أن الكلام تارة في صحة العمل في حد نفسه مجرداً عن كل الملابسات والعوارض فنقول مثلاً: إن العتق يصح بقول السيد لعبده (أنت حرّ) فيصير العبد حراً بمجرد إنشاء المولى هذه الصيغة، ولا حاجة إلى شهادة ولا كتابة ولا غيرهما. . . والكلام تارة أخرى من حيث الطوارئ كعروض خصومة أو نزاع بين السيد والعبد واحتمال الجحود والإنكار، فلا إشكال في أن الحاجة من هذه الناحية ماسة إلى الإشهاد وهو ضروري. وكذا الكلام في سائر الإيقاعات والعقود كالبيع مع الكتاب المجيد أمر فيه بالإشهاد (وأشهدوا إذا تبايعتم) ولكن لم ينسب القول بوجوبه إلا إلى بعض أهل الظاهر، وهو شاذ نادر. والخلاصة أن مقام الثبوت شيء، ومقام الإثبات شيء آخر؛ ونحن حيث قلنا بعدم وجوب الإشهاد في الرجعة أردنا مقام الثبوت على حدة في الطلاق الذي يتوقف ثبوته على الإشهاد. أما مقام الإثبات فالرجعة وغيرها سواء في أنها محتاجة ومتوقفة على الشهادة في الجملة (وإنما أقضي بينكم بالبينات والإيمان).
وأرجو أن تكون هذه النبذة كافية في سد باب هذه المساجلة، وأخشى لو زاد البحث على هذا أن تدخل في نوع المجادلة. نعم بقيت في الطلاق قضايا مهمة كثيراً ما يقع بها الابتلاء ولم يتعرض الأستاذ أيده الله لها في كتابه.
(منها) طلاق المفقود زوجها الغائب غيبة منقطعة كما وقع الابتلاء بهذا في الحرب العامة بكثرة. ولفقهاء الأمامية طريقة خاصة حسب الوارد عندهم من أحاديث من أحاديث أهل البيت (ع) في التحري أربع سنوات، ومع اليأس وعدم النفقة يطلقها حاكم الشرع.
(ومنها) ولي الصغير فأنهم جوزوا أن يعقد له ولم يجوزوا الطلاق عنه، وإطلاق كلماتهم يشمل حتى صورة المصلحة.