تسعد أمة تقتبس أساليب حياتها مما يتنافر وحوافز دمها وصوت القبور في روحها.
كل إنسان يجبن أمام الحوادث في حياته فيلين لها حوافزه وفطرته إنما هو الشخصية المفقودة التائهة والشبح الباكي والحيّ المستحجر؛ وقد تلمع أحداق مثل هذا الإنسان بالمجد والظفر، ولكن أنوار السعادة تبقى منطفئة في عينيه.
ونحن كأمة لا يمكننا الانفلات من هذا الناموس الثابت. إن فطرتنا مقدورة علينا كامنة فينا؛ وكل أمة تحيا على غير فطرتها فهي أمة باكية بدموع صامتة، هي أمة مستضعفة مستعبدة لا معنى لحياتها ولا سعادة فيها.
نحن بحاجة إلى نهضة روحية أدبية تصلح منابت أطفالنا بعقيدة يحييها النابهون في الشعب تحت جنح إيمانه الشرقي المكين، وليس كالعقائد في شعب ما يكفل كرامته ويضمن اعتلاءه.
بين بعض قبائل الصحراء عقيدة أصبحت فطرة في أفرادها، وهي اعتبار الكذب عاراً دونه أي عار، فإذا ما ارتكب الكذب أحد أفراد القبيلة اضطر رئيس أسرته إلى قلع إطنابه والهرب بنسائه وأطفاله إلى بعيد حيث يواري في النفي الأبدي ما التصق به من عار.
إلى خلق مثل هذه العقائد يجب أن تتوجه جهود الناهضات من النساء فيصبح الرأي العام سياجاً حرابه الزراية والاحتقار، يصد كل امرأة تقصر عن المحافظة على حقها أو تطمح إلى تجاوزه، وتصد كل رجل يقصر في واجباته كقوام على المرأة أو يسيء استعمال هذه الواجبات. وهكذا يساق الرجل إلى معاملة زوجته كما يريد أن تعامل ابنته في زواجها.
إن عقائد الأمم الاجتماعية إنما تحفظها صدور النساء قبل صدور الرجال، وتنبيه مثل هذه العقائد والتقاليد في فطرة بنات الشرق لعمل يسهل على رسولات الحق إذا عضدتهن السلطات الزمنية والروحية في هذا السبيل.