تغنين عن جنسك أحياناً ولكنك لا تستطيعين أن تغني عن هذا الجنس في كل حين؛ وليس ذنبي أنك قاصرة).
فقاطعتني صائحة:(قاصرة؟؟ أشكرك).
قلت:(نعم قاصرة عن اختزال جنسك كله في شخصك الواحد).
فأبت أن تسمع مني بعد ذلك فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. . الأمر لله. . . سكتنا يا ستي. . فلعلك تكونين مسرورة).
ولكنها لم تكن مسرورة ولم تغفرها لي قط. . . وأنا أقول تغفرها بغير تعيين أو تبيين لأني والله لا أدري إلى هذه الساعة أي شيء أغضبها وأثار نقمتها علي.
وحدث مرة أخرى أن كلفتني أن أشتري لها فاكهة وكنت أعرفها تحب الجوافة حباً جماً فانتقيت حبات طيبة الرائحة ذكية العبق واشتريت لها فاكهة أخرى، ولكن الجوافة كانت هي المهمة والتي عليها الكلام؛ وذهبت بحملي إليها، ودخلت به حجرة الانتظار، وقلت لخادمتها:(قولي لسيدتك صباح الخير يا نور العين. لقد حضر سيدك، ونور عينك اليمنى - واليسرى أيضاً في الحقيقة - ومعه حمل بعير من الجوافة بل من أبدع أنواعها).
فذهبت الخادمة وأبلغتها الرسالة فأطلت تلك من باب غرفتها - بوجهها فقط - وصاحت وهي فرحة - صحيح؟؟ جوافة؟؟ حلوة؟؟).
ففتحت الكيس وأخرجت واحدة ورفعتها لها بين أصابعي وأدرتها أمام عينها فابتسمت ابتسامة السرور وقالت:(حالاً. حالاً. . . دقيقة واحدة) ودخلت.
وبقيت أنا أتمشى في الحجرة، ولم يكن فيها ما يسلي المرء، ولم يكن معي كتاب أقرأه وأزجي به الفراغ فجعلت أقوم وأقعد، وأنظر تارة في المرآة، وأمسح الطربوش تارة أخرى، وأنفض عنه ما علق به من التراب. . ومسحت الحذاء أيضاً. . مسحته مرتين حتى صار جلده كالمرآة، وحتى حدثتني نفسي أن أخلعه أنظر إلى وجهي فيه، ولكني خفت أن تدخل علي وأنا أفعل ذلك. . وتأملت الحرير الذي كسيت به الكراسي، ورفعت طرف السجادة وجسستها وفركت وبرها بأصابعي، ثم لم أجد شيئاً آخر أصنعه في هذه الغرفة، فانحططت على كرسي كبير وثير واضطجعت وفي مأمولي إذا نمت ألا توقظني حين تدخل، ولكني لم أنم لأن رائحة الجوافة الذكية كانت قوية، فقد نسيت الكيس الذي هي فيه