مثلك، ولهم في ذلك إشارات وألفاظ وقحة. وقد كان لحوادث أسبانيا في هذه الطبقات أثر عميق ملموس؛ وكم سمعنا في الفندق والمطعم وفي الشارع والمترو من بعض أفراد هذه الطبقات أن الحكومة الاشتراكية إذا لم تجب مطالب الطبقات العاملة، وإذ لم تسع إلى تحسين الأجور وتخفيض مستوى المعيشة، فإن ما وقع في أسبانيا سوف يقع قريباً في فرنسا.
وقد عرفت فرنسا أنها بلد الجدل السياسي؛ ولكن هذا الجدل يحتدم اليوم في فرنسا بشدة ظاهرة ويغمر كل الطبقات؛ وقد تشهد هذا الجدل في الشارع وفي المقهى وفي الترام، وتسمع أغرب الآراء وأشدها تطرفاً. وتلقى الصحف على اختلاف نزعاتها رواجاً عظيماً بين كل الطبقات، وتلقى الصحف والنشرات الاشتراكية رواجاً خاصاً بين الطبقات العاملة. وقد لفت نظري كتابان يعرضان للبيع بكثرة ويقبل الناس على شرائهما، أولهما رسالة عن حياة مسيو (ليون بلوم) رئيس الوزارة الفرنسية الحاضرة، والثاني كتاب عنوانه (دوريو رجل الغد)، ودوريو هو النائب الشيوعي الذي خرج على الحزب الشيوعي وعلى أوامر موسكو وكون لنفسه شعبة خاصة تتقدم كل يوم في الأهمية والعدد؛ ويرى كثيرون أن دوريو هذا سيكون من قادة الغد، وأنه ربما اضطلع بدور عظيم في التطورات السياسية المقبلة.
ومما يلفت النظر بنوع خاص حالة القلق السياسي التي تسود فرنسا اليوم، وتبدو ظاهرة في كتابات الصحف وفي تعليقات الأفراد، ويشمل هذا القلق الشؤون الداخلية والخارجية معاً؛ ففي ميدان الشؤون الداخلية يشعر الكثيرون بأن فرنسا مقبلة على تطورات سياسة هامة، وأنه ربما اقترنت هذه التطورات بشيء من العنف. وفي ميدان الشؤون الخارجية يرى الكثيرون أن احتمالات الحرب الأوربية تتقدم بسرعة، وأن نشوبها ربما كان أقرب مما يتصور الناس، وأن فرنسا ستدعي في القريب العاجل إلى خوضها.