والآن من سهم اللحاظ معذب ... قد ذاب من وله يود لو ارعوى
وهذه جرأة نجرؤ على أن نقول إن فيها كسباً جديداً للأدب، فإذا كان الشعر يستمد أكثر ما يستمد من العاطفة، فالمرأة هي العاطفة، وهي تلهم الرجل الشعر، فإذ تشعر هي فإنما تنفق عن سعة وتتدفق من معين.
والحق أن المرأة إنما تحجم عن هذا الميدان لأنها تخشى إنكار لرجل عليها، فهي لا تقول الشعر المعبر عن حقائق نفسها لأنها ترى أنها ستقوله لنفسها، فتؤثر الصمت؛ ولعل رسائل الحب الخاصة أفسح مجال لها، فهي تحسن فيها وتبدع، فلو أتيح لها أن تظهر في حلبة الشعر مطلقة الحرية في التعبير لبذت وفاقت.
وبعد، فإلى الآنسة (ف. ع. ح) يساق الحديث:
أشكرك على خطابك الرقيق، وأحيي فيك هبة الشعر التي تبدو فيما بعثت به، وإن كان يعوزه الشيء الكثير من سلامة الأسلوب ومتانة النسج وصحة المعاني، وترتيب الأفكار. ولعل ما قرأته في نقدنا للشعراء يهون عليك وقع هذا الكلام، فقد عاهدنا الحق أن نسلك سبيله لا نحيد عنه. وإن كان هذا بدء معالجتك لقرض الشعر فهو يبشر بالإجادة؛ فأحب لك الآن أن تقبلي على المطالعة والدراسة أكثر مما تقبلين على الإنتاج والنشر.
عباس حسان خضر
عيد جوسلين وذكرى لامارتين
في أوائل شهر سبتمبر أقيم في مدينة ماكون بفرنسا عيد أدبي مؤثر؛ وماكون هي مسقط رأس الفونس دي لامارتين ومرتع طفولته وحداثته؛ ولكن العيد الأدبي الذي أقيم بها لم يكن خاصاً بشخص لامرتين، بل بإحدى منظوماته الشعرية الشهيرة، ونعني (جوسلين) التي مضى على صدورها مائة عام.
احتفل إذن بالعيد المئوي (لجوسلين) في ماكون، وأثيرت ذكرى الشاعر الكبير، ورأس هذه لحفلات المؤثرة مسيو هنري بوردو عضو الأكاديمية الفرنسية، وكان من ضمنها حج أصدقاء الشاعر إلى ضيعته (ميلي) التي قضى فيها أعذب أعوامه وشاد بذكرها في (مذكراته) وإلى قصر سان بوان حيث قضى أعوام مجده، ثم إلى قصر مونصو حيث