ن أروع المشاهد التاريخية الباريزية في نظرنا هو قصر اللوفر وذخائره الفنية الجليلة؛ فهذا القصر القديم الذي يجثم كالخلود على ضفاف السين، يمثل أجيالاً من عظمة فرنسا وعظمة الملوكية الفرنسية، وفي أبهاء اللوفر وقاعاته الرائعة تذكر عصور آل فالوا وآل بوربون: عصور فرانسوا الأول وكاترين دي مديتشي، وهنري الرابع، ولويس الرابع عشر، بكل ما فيها من روعة ودسائس ومنافسات، ومآس دموية، وأيام زاهرة.
وتضم أجنحة اللوفر اليوم عدة من المجموعات الفنية الجليلة، ولا ريب أن متحف التصوير الذي يشغل عدة أبهاء شاسعة من اللوفر هو أعظم هذه المجموعات وأغناها؛ فهنالك تمثل أقدم مدارس التصوير منذ بدء عهد الأحياء إلى أحدثها، وهنالك مجموعات حافلة لأعظم أساتذة التصوير الإيطاليين مثل ليوناردو دافنشي، ولي تسيان، ورافائيل سانزيو، وبورجينو وغيرهم، وأعظم الأساتذة الأسبانيين مثل موريليو وفيلاسكيز، وهنالك أيضاً مجموعات حافلة لأعظم المصورين المحدثين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؛ وربما كانت مجموعات عصر الأحياء التي يحتويها اللوفر أعظم وأغنى مجموعات من نوعها بعد مجموعات قصر الفاتيكان، بل يلوح لنا أن في اللوفر مجموعات لبعض الأساتذة أغنى من نظائرها في الفاتيكان: وفي اللوفر أيضاً مجموعات فاخرة من التحف والحلي الملوكية التي تبهر الأبصار بجمالها وروعتها؛ وبه أجنحة ومجموعات فنية أخرى تقتضي عدة زيارات لاستعراضها وتأملها.
وما زال قصر اللوفر يحتفظ بروعته الملوكية سواء في أبهائه وغرفه الداخلية أو في واجهاته الخارجية، وما زالت ساحاته الشاسعة وأبراجه القاتمة تحتفظ بجلالها القديم؛ ومما يبعث إلى الأسف أن ساحة اللوفر الكبرى مفتوحة من جانبيها لمرور السيارات الضخمة (الأومنبوس) ذهاباً وإياباً، وفي ذلك تشويه للساحة وللقصر ذاته، وإن كان فيه تسهيل للمرور، واختصار للطريق.
وفي قلب باريس عدة قصور تاريخية شهيرة أخرى نذكر منها قصر اللكسمبور الذي يقع في حديقة اللكسمبور الشهيرة، ويشغله الآن مجلس الشيوخ (السينا)، وقصر بوربون الذي يشغله الآن مجلس النواب؛ والقصر الملكي (الباليه رويال) الذي بناه الكردينال ريشليو لإقامته، وتركه بعد وفاته للملك، وسمي الباليه رويال؛ وقصر التويلري الذي بدأته كاترين