دي مديتشي، وأتمه هنري الرابع؛ ولهذه القصور التاريخية كلها سير وذكريات شهيرة تملأ صحفاً حافلة من الأدب الفرنسي؛ وهنالك أيضاً قصر (الأليزيه) الذي يرجع إلى القرن الثامن عشر، والذي جعل مقراً لرآسة الجمهورية في العصر الأخير.
وثمة أثران يحوطهما جلال مؤثر، ويبثان إلى المتأمل شجناً خاصاً، هما (دار الانفاليد) و (البانتيون)؛ وتحتوي (دار الانفاليد) أو دار العجزة، التي تقع في شمال غربي باريس في ميدان شاسع جداً، فضلاً عن المستشفى الذي يخلد اسمها وصفتها، على (قبر الإمبراطور) أو قبر نابليون. ويقع القبر في طرفها الشمالي، وهو عبارة عن حظيرة مستديرة تغطيها قبة عظيمة، وقد نصبت في وسطها منصة رخامية عالية، ووضع فوقها تابوت فاخر من المرمر الأحمر القاتم يحوي رفات الإمبراطور؛ ونصبت حول المنصة مجموعة من الأعلام التاريخية التي غنمها الإمبراطور في مختلف المواقع الشهيرة؛ مارنجو، فاجرام، أوسترلتز، إيلو، يينا وغيرها؛ ومن بين هذه الأعلام علم كتب عليه (موقعة الأهرام)، ولكن ليست عليه كتابة عربية تدل على أصله؛ والحق ن منظر قبر الإمبراطور يبعث إليك كثيراً من الروع والإجلال لذكرى ذلك الذي ملأت حياته وأعماله العسكرية الباهرة مرحلة كاملة من تاريخ أوربا بأسرها.
وأما البانتيون، فهو كما تعلم مقبرة الخالدين؛ وقد كان في الأصل كنيسة تسمى (سانت جنفياف)، حولت أيام الثورة إلى مقبرة قومية للعظماء؛ ويقع البانتيون في شارع سوفلو في الحي الجامعي على مقربة من الكليات؛ وما زال البانتيون على وضعه الأول كنيسة فخمة تزين جدرانها طائفة من الصور الدينية البديعة؛ ولكن جلال البانتيون في أقبيته السفلى؛ ففي تلك الأقبية التي قسمت إلى أروقة وحظائر مختلفة يرقد عدة من أبناء فرنسا الخالدين من القواد والكتاب والمفكرين؛ وربما كانت أسماء فولتير، وروسو، وديدرو، وزولا، وجوريس، هي أعظم الأسماء رنيناً في أقبية البانتيون؛ بيد أن هنالك أسماء كثيرة من القادة والزعماء السياسيين أيام الإمبراطور الأولى والإمبراطور الثانية: هذا تابوت المارشال ناي، وهذا إناء يحتوي قلب ليون جامبتا. . . وهذا تابوت جان جوريس الذي اعتبر يوم مقتله في سنة ١٩١٤ خائناً للوطن، واعتبر بعد ذلك بعشرة أعوام من أبطال الوطن ونقلت رفاته إلى البانتيون؛ وهذا تابوت فولتير؛ ولكن هل عثر الخلف حقاً برفات فولتير؟ لقد ثار