حول ذلك جدل منذ أعوام، وقرأنا في بعض الصحف الفرنسية الكبرى أنه قد عثر على هيكل عظمى في بعض أقبية كنيسة في روان، يظن من شكل جمجمته وفكيه أنه هيكل فولتير، خصوصاً وأنه يروي أن الذي تولى دفنه هو عمه راعي هذه الكنيسة، وأنه دفنه في بعض أقبيتها، ولكن دليل البانتيون يرفض أن يستمع إلى هذه الرواية ويؤكد بكل قواه أن رفات فولتير ترقد في التابوت المرقوم باسمه!
وكما أن باريس غنية بالقصور الملوكية القديمة، فهي غنية أيضاً بالكنائس الأثرية؛ ومن أقدم وأشهر كنائس باريس كنيسة (نوتردام) التي يرجع بناؤها إلى القرن الثاني عشر، والتي يقترن اسمها وسيرتها بكثير من الحوادث التاريخية؛ وكنيسة (سانت شابيل) التي تقع في (الباليه دي جستيس)(دار العدل)، والتي بناها لويس التاسع في القرن الثالث عشر؛ وهذه الكنيسة الصغيرة هي حلية ساطعة بين الآثار الباريزية، وقد بنيت على الطراز القوطي بافتنان بارع، وزينت بنقوش ذهبية رائعة، وجعلت من طبقتين؛ وكنيسة المادلين الفخمة التي تقع في الميدان الشهير المسمى باسمها، والتي ترجع إلى القرن الثامن عشر؛ وكنيسة سان سلبيس التي تقع في نهاية حي سان جرمان على مقربة من الوكسمبور، وقد أقيمت أمامها في الميدان المسمى باسمها نافورة أثرية تحوطها تماثيل أربعة لبوسويه وفنيلون وفلشييه وماسيون؛ وهنالك غير ذلك من الكنائس الأثرية مما يضيق المقام عن ذكره.
وهنالك، على مقربة من (سانت شابيل)، في الناحية الأخرى من دار العدل يوجد صرح يثير اسمه وذكرياته في النفس شجناً وأسى: ذلك هو سجن (الكونسير جيري) الشهير الذي كان أيام الثورة مسرحاً لطائفة من المآسي المؤثرة. كم شهدت تلك الأبراج والغرف الحجرية الضيقة من محن وآلام، وكم سكبت بين تلك الجدران القاتمة من دموع؟ أجل هذا هو سجن (الكونسير جيري) الرائع الذي نقلت إليه ماري انتوانيت لتمضي أيامها الأخيرة قبل المحاكمة؛ لقد كانت هذه الكهوف المظلمة تغص أيام الثورة بالمحكوم عليهم، ومنها ينقلون إلى العالم الآخر. هذه غرفة ماري انتوانيت، وهذا هو الأثاث الحقير الذي استعملته ملكة فرنسا زهاء شهرين، وهذا هو مخدع الزينة الأخيرة الذي قص فيه شعرها وأعدت لتنفيذ حكم الإعدام: وهذه هي بعض مراسلات ووثائق رسمية تتعلق بالمحاكمة. . . . أجل