الصوفية بعد انحطاط الدراسات الفلسفية في الإسلام. وقد تكونت في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، وانتشرت بعد ذلك في بلاد الأندلس والمشرق. ومن أكبر أنصارها محي الدين بن العربي المتوفى سنة ١٢٤٠ ميلادية، وجلال الدين الرومي المتوفى سنة ١٢٧٣، وشعراء آخرون من متصوفة الفرس. ويصعد مذهب الوحدة هذا كما لاحظ ابن تيمية إلى ابن سينا، أو كما نلاحظ نحن إلى الفارابي. وإذا كان الله هو الموجود الحق وجب أن تتلاشى فيه سائر الموجودات الأخرى. وهنا يختلط التصوف بالفلسفة اختلاطاً كبيراً. فكأن مذهب المشائين من العرب لما حورب في شخص الفلسفة وجد ملجأ لدى الصوفية. وكثير من الأفكار الفلسفية الممقوتة تبناه الصوفية وأبرزوه في صور أخرى مقبولة ولو إلى حين. وفي رأينا أنه لا يمكن ن يدرس تاريخ التفكير الفلسفي الإسلامي في العصور الأخيرة دراسة كاملة منعزلاً عما كتبه المتصوفة وعلماء الكلام.
بيد أن الصوفية بدورهم لم يسلموا من شرور الفلسفة وويلاتها، وما أن تفلسفوا حتى أضحوا عرضة للمحاربة والانتقام. فالسهروردي قتل بأمر صلاح الدين؛ وابن سبعين انتحر في مكة بسبب مهاجمات وجهت إليه في الغالب؛ واتهم معاصره ابن العربي بالإلحاد والزندقة من كثير من أهل السنة.