الأفق الحيواني. . . لا زالت هي الأمة العربية المطبوعة على إجابة الصريخ وتلبية الدعاء ونصرة اللهيف واحترام الجامعة ومعنى الدم. . .
يا أهل فلسطين! إنكم عرفتم كيف تموتون عند الاقتضاء، ولذلك لم تموتوا! بل ضوعف فيكم سر الحياة لأنكم أمددتموه بالدم وفعال المجد وحسن البلاء. . بل لقد ضوعف بعملكم سر الحياة في العرب والمسلمين جميعاً، وصار منكم مثل جديد يضربونه مفتخرين بين يدي هذا الزمان على مسمع الأمم وبصر التاريخ. . وقد غدوتم في فم الزمان مثلاً شروداً وحديثاً مُرَدَّداً أنسى التاريخ خبر الإسبرطيين وأجناد الرومان والجرمان وغير أولئك من العصبة أولي القوة! وقد أضفتم إلى مكتبة البطولة كتاباً ضافي الصفحات واضح الغرات فرح به عشاق الأبطال وعارفو أقدار الرجال.
ومهما يكن عدد مستشهديكم الذين ساقوا إلى المعالي مهرها من صبيب الدم ومسفوك النجيع. . . ومهما يكن من سطوة القوة، وعنف الظلم، ووقاحة الطاغوت. . فأن الدرس الذي تلقونه على المتآمرين على كسر شوكتكم وازدرادكم وهضمكم، درس هائل مزق أعصابهم، وأطار صوابهم، ومحا خططهم، وأفهمهم أنكم أعظم بأساً وأشد مراساً وأطول أنفاساً.
(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قَرح فقد مس القوم قرح مثله).
يا صهيونيون! كذبٌ من الأحلام وخُدعة من الأماني أن تملكوا أرضاً تنكركم وتلفظكم. لقد سخرتم إلهكم الذهب في شراء سطوة أمة مخدوعة بكم أو خادعة لكم تتخذون منها آلة تهدم وطناً على أهله لتبنوا لكم على أنقاضه وطناً في عالم الأحلام. . . وسنبصر وتبصرون: أينا المحروب المغلوب. فارتقبوا إنا مرتقبون، (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر، ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتُهم حصونهم من الله، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار)، ففروا من مجزرة أنتم شاؤها وأرانبها. . وكونوا أكيس من أن تبنوا لكم عشاً في طريق الفيل. . أو تناموا بين فكي الأسد. . .!
ثم هبوا أنكم غصبتم فلسطين من العرب، فما هي ضمانات دوامها لكم وسط هذا البحر