أصبحتُما مثلاً فَمِثلكما ... من سارَ في طلبِ العلى قُدُما
نِضْوانِ، والقلبُ الكبير لظىً ... تضوي به الأجسام ما اضطرما
خاضاً عُباب الجد مُضطرباً ... صخباً: ودرب المجد مزدحما
ملآ الصحائفُ كلَّ مفخرةٍ ... وتشاطرا الأمجاد واقتسما
فإذا سألت المجدَ، أي فتى ... نزهو به في الشام؟ قال: هما!
ثملان بالعزِّ التليد فكم=بعثا محاسِنه، وما كرُما
طَرِبان لم ذا مجّداً ظفراً ... أو ردَّدا نغما، وما سئما
أوَ يسأمانِ، ومجُدنا زهرٌ ... في مَفرِق التاريخ قد نظما
مجد العروبةِ ساطعٌ أبداً ... لا يرْهبُ الأحقَابَ والقدما
تعنو له الأجيالُ خاشعةً ... وتخُصُّه التبجيلَ والعِظما
يا مَجْدَنا الماضي تحيَّتنَا ... اليومَ ثُرْنا نبعَثُ الرِّممَا
سنُعيد صوتك داوياً غرداً ... في الخافقَيْنِ وننشُر العلما
نحنً الشِّبالُ فداءُ رايتنا ... سنُحَطمُ الأصفادَ واللُّجما
آمالُنا وخيالُنا وطنٌ ... سُقِيت دُموعاً أرضُه ودما
جُبِلت من الشُّهداءِ طينَتُه ... فغدا لقُدْس تُرابه حرما
وطني تخِذْتُكَ في الصبا أملاً ... حُلْواً يرفُّ، وفي الكرى حلُما
وطني عبدْتُ ثراك مِن وَلْهِي ... لو كنت مِمَّن يعبدُ الصنما
يا صاحبيَّ ستنزلانِ حِمىً ... شَب الفخارُ لديهِ واحتلما
بغدادَ أم المجدِ من ولدتْ ... للمجد مأموناً ومُعتصما
إن تأتياها، فاذكرا زمناً ... كلُّ العصور غَدت له خدَما
ثم اسقِيَا العَبراتِ تُربتها ... قد جلَّ دمعٌ للوفاءِ همى
البصرتَان هناك كم ولدا ... حبْراً وكم ذا أطْلعا علما
والرّافدان هُنَاك كم حملا ... عرشاً، أظلَّ العُرْب والعجما
أيُّ العروشِ يظلُّ منبسطَا ... أي الجديد من البِلى سلِما
هذي دمشقُ، فكم بها أثر ... من عبدِ شمسِ شارف العدما