وأخي. وأحب أن أقضي عمري شريفة لزوج كريم وأولاد أحباء. . عاوني يا إلهي واشملني برحمتك، إنني أمد لك يد الضراعة وقلبي يسبقني إلى ملكوتك باكياً مسترحماً.
أنت يا إله الضعفاء، يا نصير البائسين، يا رب هذه المخلوقات جميعها أدركني برحمتك فقد شملت رحمتك كل كائن حتى هوام الأرض وحشراتها تقدر لها الرزق وتعد لها الحماية والحصانة).
. . . ومرت نسمة رطبة باردة على وجهها المحتقن المتوقد فبعثت الراحة إلى أعصابها وأفسحت مكاناً للإيمان بالله والاطمئنان إلى قدرته تسري إلى قلبها الخافق المعذب ونفسها الممزقة حسرات. .
وكان الفجر بدأ يشرق بضوئه الشعري الرقيق يحمل في جبينه ابتسامة، ويخفي في يده وراء ظهره الشمس المضيئة وهي قادمة تحمل الحياة، وتحمل الأمل الجديد لكل يائس حزين.
اغرورقت عينا الساهرة المسهدة المضناة وغسلت دموع اضطرابها. وارتاحت أعصابها ولمعت في رأسها فكرة كادت أن تثب بقلبها من صدرها.
إنها سترمي آخر سهم، فأما فازت وإما يئست - واليأس إحدى الراحتين - فبقيت تنتظر مصيرها الذي يحمله له الغيب المحجب.
قامت تحمل هذه الفكرة مندفعة إلى غرفة أخيها الشاب فأيقظته ورجته أن يستعد لسماع حديث لها هام. فقام مرحاً كعادته واغتسل وجاءها طلقاً ضاحكاً. فجلست إلى جواره وأخذت تسرد عليه كل أمرها، صريحة واضحة، فعرفته كيف ابتدأت علاقتها بصادق، وكيف استمرت، وكيف كشفت حقيقة نواياه وكيف هددها، وكيف قضت ليلتها. . . وسألته أن يقوم بواجبه كأخ وكصديق ومنقذ فوضت إليه أن يفعل شيئاً. ولو أن. . . يقتلها!
وكأن الموضوع قد أحال هذا الشاب المرح رجلاً قوياً يستمع في جد ورزانة، ووجهه ينم على أن قراره يتكون في نفسه وفي رأسه.
وما إن أتمت حديثها حتى قام يربت على كتفها بيده وكأنه يعدها بإنجاز ما سألته. وارتدى ثيابه في صمت وخرج من الدار ولم تكن الشمس قد برزت في السماء.
وانتظرت أمينة المصير مستسلمة لحكم الله أعدل الحاكمين. .