وسوف تتقلى ذكراها على جمر القول السيئ ما دام في الزمن أيام تمر وليالي تعقبها. . .
لا مفر إذن من الموت. فلتعجل به لنفسها لعل موتها يدفن كل هذه المصائب، وتفتدي به حياة أبيها وأخيها، ولعل الذئب عندئذ تأخذ روعة الموت وجلاله بسفالته عن أن يستمرئ السير في انتقامه إلى النهاية. . وقامت عندئذ إلى (صيدليتها) الصغيرة فانتقت منها (اليزول)(واليود). ولكنها تراجعت تفكر. وهل من الصواب أن تثير فتنة نائمة؟ وهلا يتساءل الناس عما حدا بها إلى الانتحار ودفعها إلى معالجة شبابها الغض بهذا الدواء النكد المشئوم؟ وهلا يقول الناس أكثر من الحقيقة؟ وهل تضمن هي أن يكون لدى صادق ضمير يوقظه موتها فيستحي عن الاستمرار في سفالته؟
الأوفق إذن أن تسعي إلى قتله. . . هل تقتله حقيقة؟ هل تستطيع؟ إن سلاح أبيها في متناول يدها. ولكن هل تقوى على ارتكاب هذه الجريمة؟ أتحتمل أعصاب ساقيها السير إلى داره وارتقاء درجات مسكنه؟ وهل تقوى أعصاب يدها على حمل السلاح وإطلاق الرصاص؟ وهل تستطيع مواجهة ما يعقب الحادث؟؟
لا، إن هذا فوق الطاقة!
إذن أين المفر؟ وأين المهرب؟ لا منقذ اليوم!
اندفعت إلى النافذة، وكان الليل قد انتصف ودلف بنصفه الثاني إلى الفجر، وسكن الكون وسجا الليل، وكان يخيل للإنسان البائس الشقي أن الله مستمع إليه.
وقفت أمينة في النافذة وساءلت ربها:(يا ترى يا إلهي كم فتاة وقفت موقفي وسقطت من تأثير هذا الهول، ولم تعرف الناس أمرها، فراحوا يستعدون عليها انتقامك، ولو دروا لرحموها كرحمتك).
يا ترى يا رب أنت منقذي أم يشاء قضاؤك وقدرك أن أنحدر كالحصاة الضئيلة عندما تراوحها الريح، ثم تقذفها إلى المجرى ويلمها الخضم في أحشائه؟
إنك يا رب أنزلت المعجزات في زمن الطغيان والعصيان، وكم أريت الإنسان عجزه أمام قدرتك، من حيث لم يكن يتصور وجودك ولا يخشى بطشك. فهل تتركني يا إلهي فريسة أمام إنسان عاجز وأنت القوي الجبار؟
إنني أريد أن أعيش. وأنت يا رب قدرت لي العيش. أريد أن أسعد، ولا أريد أن أشقي أبي