ويختلفون وفي قلوبهم أشد الأسى على ما أصابهم من الخذلان بعد وشك الانتصار.
وإنا نسائل النفس عن علة هذا الفشل العجيب ولا نستطيع أن نقنع النفس بأن الحوادث الظاهرة كانت كافية لأحداثه. فأن أمر هذه الهزيمة كان شبيها بعود من الثقاب أشعلته فرأيت من إشعاله انفجارا مدمرا لم يكن ليخطر لأحد ببال. فإذا عزى الانفجار إلى عود الثقاب كان ذلك إهمالا لذلك الغاز الملتهب الذي كان خفيا عن الأعين فأحدث الانفجار المروع عندما اشتعل فيه ذلك العود الضئيل. إن الحرب هي الجهد الأعظم الذي ينتهي اليه الخصام بين حزبين. وفيه يبذل كل جانب أقصى ما عنده من الهمة ليفوز. وقد لا يتورع المحارب عن الكيد بالكذب والدس والتجسس، وقديما أباح الناس أمثال هذه
الدنايا في الحروب مع تحريمهم إياها في المعاملة المعتادة.