الجمهور ميلاً إلى تذوق شعر أحمد زكي أبي شادي. ومن الصعب أن نتكهن بالشاعر الذي سوف يحمل زعامة الشعر العربي بعد شوقي وحافظ.
وفي العراق جمع الشعر في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أغرب الصفات على اختلافها وتباينها. فقد ازدهرت التقاليد الأدبية القديمة في المدن الكبرى كبغداد والموصل. وقاد حركتها شعراء أفذاذ أمثال عبد الغفار الأخرس (١٨٧٣ - ١٨٠٥) وعبد الباقي العمري الفاروقي (١٧٨٩ - ١٨٦١) كما أن أسرة الألوسي لعبت دوراً هاماً في هذا الميدان. وفي النجف الأشرف وكربلاء، مدينتي الشيعة المقدستين، ازدهر الشعر العباسي وشعر البادية الصحيح في الأوساط الأدبية الشيعية. ولم نصل إلى معرفة أصول هذه المدرسة إلا بفضل ما نشره أحمد عارف الزين زعيم الطائفة الشيعية يصيدا (سوريا). وكان أبرز زعمائها إبراهيم الطباطبائي (١٨٣٢ - ١٩٠١). وفي العراق كما في مصر - حاول المجددون إعادة الشباب إلى الشعر العربي القديم. وأتيح لنا أن نقتبس هذه الظاهرة بوضوح في شعر عبد المحسن الكاظمي (١٨٦٥ - ١٩٣٤). وبالنظر إلى أنه يقيم في مصر منذ نهاية القرن الماضي فقد خصص بعض قصائده لسرد الحوادث المصرية. وهنالك شاعران آخران جديران بالذكر وهما يمثلان الاتجاه الجديد خير تمثيل، أولهما جميل صدقي الزهاوي (١٨٦٩ - ١٩٣٦) ومعروف الرصافي (١٨٧٥). وقد كان الزهاوي مشرباً إلى أقصى حد بالروح الفلسفية، وكان يطلق لنفسه الحرية التامة فيما يتعلق بالأسلوب. ولم يتردد مطلقاً في ابتكار الأوزان والقوافي المختلطة. وكثيراً ما نظم الشعر المرسل حيث يسير على الوزن دون القافية. بعكس الرصافي إذ حصر شعره في دائرة الأسلوب التقليدي، لكنه يمتاز بعبقرية الشاعر الواقعي، سواء في شعره الغنائي والوصفي، أو السياسي والاجتماعي؛ وقد جاوزت شهرة هذين الشاعرين حدود بلادهما. أما في سائر الأقطار العربية، فالشعر رغم وفرته وكثرة إنتاجه، لا تتعدى أهميته الحدود المحلية.
ومن شعراء سوريا عنحوري (١٨٥٥) وهو شيخ مسن على اتصال دائم بمصر ومتشبع بالآراء العصرية إلى حد بعيد، وعيسى اسكندر المعلوف (١٨٦٩) شاعر وعالم من نوع وحيد، وهنالك طبقة من كتاب الجيل الحديث اشتهروا الآن في الأوساط الأدبية، نخص بالذكر منهم: شفيق جبري (١٨٩٥) وخليل مردم (١٨٩٥) وحليم دموس (١٨٨٨) وأحمد