بأنوار شمس الله). وقسم يتطلب في الفتاة المستحيل من الكمال والجمال والمال، وأهمها المال، فيجعل نصب عينه الزواج كصفقة مالية فيبحث عنها أين كانت؛ وزواج أساسه المال هو بالطبع بدء حياة الشقاء للزوجين.
أراك يا سيدي بالرغم من دفاعك عن المرأة ومعالجة مسألتها معالجة صحيحة قويمة تلومها لنزولها إلى ميدان العمل. اسمح لي يا سيدي أن أقول إن المرأة المصرية الحديثة لم تتمرد مطلقاً على وظيفتها الطبيعية. فأنها بالرغم عن ثورة نساء العالم الربي المتمدين ومطالبتهن بالمساواة فإن المرأة المصرية ما زالت هادئة وادعة لا تهمها إلا شؤون بيتها وأولادها أو علمها وثقافتها - قانعة بكل ما يأتيها الزمان من سعادة أو شقاء. تقول يا سيدي (إن المرأة المترجلة الضلول ليست هي من نرجو لإحياء الأسرة وخلق الأمة الحية) وأظنك تقصد بالمترجلة المرأة العاملة. إن المرأة يا سيدي لا تنزل إلى ميدان العمل إلا إذا ألزمتها الحاجة القصوى إلى ذلك. أؤكد ذلك باختبار شخصي كما أنني شاهدت حالات كثيرة كان الدافع فيها لخروج الفتاة إلى العمل الاضطرار.
إن الفتاة المصرية هي الوحيدة التي لم تفقد أنوثتها ورقتها بالعمل؛ فهي وإن اضطرت إلى العمل تحن دائماً إلى تكوين بيتها والاهتمام بزوج مخلص يعولها وإيجاد أطفال يصلحون لتكوين الأمة القوية أجساماً السليمة عقولاً.
إنك يا سيدي تنكر على المرأة العمل ولكنك إذا بحثت في سبب ذلك تجد أن الرجل هو الذي دفعها إليه. فهو يهملها، أي يضرب عن الزواج، فتضطر إلى العمل لتمضية وقتها الطويل الممل، أو لكسب عيشها، وربما كانت تعول أسرة بأسرها. كل امرأة متهتكة أو عاملة هي صنيعة الرجل لأنه هو الذي حرمها العيش ومرّر حياتها فدفعها إلى ما هي فيه من بؤس.
وأخيراً تقول يا سيدي:(ليس كالمرأة من يصلح المرأة أو يفسدها. . .) ونقول: (ليس كالرجل من يصلح المرأة أو يفسدها. فهو بيده كل شيء. هو القادر أن يصونها في بيته فتصير له زوجة صالحة شريكة حياته وأم أولاده. كما لو كان أباً أو أخاً يمكنه أن يعول ابنته أو أخته فيعاملها بحنو ومحبة حتى لا يضطرها إلى السعي وراء عيشها. الفتاة المصرية الحديثة وديعة وضعيفة جداً، فهي تهاب العمل وتأباه ولا تلجأ إليه إلا مرغمة.