تجد يا سيدي اليوم ألوفاً من الفتيات المصريات المتعلمات الراقيات قعيدات البيوت؛ فماذا يفعلن وكيف يضعن ساعاتهن التي تبدو لهن أبدية؟؟ لذا تجدهن حيارى لا يعرفن كيف يتصرفن ليكسبن قلب الرجل. فإن هن اشتغلن قيل عنهن مسترجلات غير صالحات للزواج، وإن هن مكثن في منازلهن ذقن من أهلهن كل أنواع التقريع والهوان لأنهن بائرات. فكيف الحل وأين المصير؟).
عفواً يا سيدي ومعذرة، فما دعاني إلى كتابة هذا إلا يقيني من إخلاصكم في سبيل الخير العام لخدمة المرأة المصرية الحديثة. وما هذه إلا نفثة من نفثات حارة مكتومة.
(قصر الدوبارة)
أمينة
جواب الأستاذ فارس
سيدتي الآنسة الناهضة:
أشكر لك شكرك لما أدليت به من آراء في مبحث المرأة، وأعجب فيك بعاطفة تنير وفكر يحلل ما يراه ظلماً وإرهاقاً. وقد حقَّ على كل عربي يتوق إلى إحياء حضارته أن ينحني إجلالاً أمام الرجولة في خُلق فتاة قومه، كما حقَّ له أن يرد جموح الترجّل في حياتها الاجتماعية.
إن ما فاتني ذكره في مقالي (نهضة المرأة) من محن الفتاة المصرية خاصة والعربية عامة لم يفته إيلامي وإيلام كل مفكر وطني لا تفتح الحياة جرحاً في كيان قومه دون أن يشعر بذلك الجرح في صميم فؤاده. وما اصطدام الفتاة بمن وبما حولها، وتعارضُ حياتها وما استقرّ فيها من الحوافز شعوراً وتفكيراً إلا من أعمق هذه الجراح وأخطرها عاقبة وأصدقها إنذاراً.
إن ما تلفتينني إليه، أيتها الآنسة الفاضلة، يتناول جزءاً من بحث كامل في حالة المرأة أوردته في فصل (منابت الأطفال) في كتاب رسالة العنبر إلى الشرق العربي، ولكنتُ أكتفي بهذه الإشارة لولا أنني أعلم أن كل معضلة اجتماعية لها منافذها العديدة يتطلع إليها المفكرون كلٌ من موقفه الخاص، فلا يمكن للحلول التي يوردها أي كاتب إجمالاً في أية