لأحد أن يتابع عليه، ولم أقل ذلك إلا لقول الأستاذ في عدد الرسالة (١٦١)، (وسأعتمد في قص الحادث (يعني النبوّة) على أبي العلاء خاصة، لفضله وتحريه وقرب زمانه)، وهذه الكلمة الأخيرة وحدها تدل على أن الأستاذ يَعُد ما يرويه أبو العلاءِ عن أبي الطيب مما ترجحُ فيه كفة الصدق على كفة الكذب، ولكن الأستاذ لم يرض قولنا هذا، فعادَ يقولُ في كلمته الأخيرة:(هذا وقد حمل الأستاذ أقوالي ما ليس تحمل: فأنا لم أدّع للمعرّي تنزُّها عن الخطأ، ولم أقل بأن (ورود خبر في كتب العلماء هو الدليل الذي لا دليل غيره، وما جعلت قرب الزمن دليلاً على الصحة بل هو مما ييسر للمحقق وسائله) اهـ. وأنا لا أحبّ أن أكثر القول على أستاذنا في نقد كلامه هذا بل أقول: إن كان في يدك دليل على صحة هذه الروايات والأخبار فأظهرهُ ولا تكتمهُ، فمن قبلُ ما قلنا لك في مقالنا بعدد الرسالة (١٦٧) إن (الخبر لا يستحقّ صفة الصدق إلا بالدليل الذي يدُل على صدقه، فإذا لم تجد الدليل على صدقه ذهبت عنه صفة الصدق وبقي موقوفاً. فإذا اعترضت الشبهات من قبل روايته أو درايته مالت به الشبهة إلى ترجيح الكذب فيه. . .). ولكن أستاذنا لم يرد أن يقف عند هذا القول، وزعمه من (التهويل) ويقول: (وما التهويل بمغن عن أحدنا فتيلاً)، وزعم أني (لم أجد بأساً في أن أعرفه أنّ الخبر ما يحتمل الصدق والكذب، وانّ وأن. . . الخ الخ مما يدرسه الطلاب المبتدئون). وظنّ أن في هذا القول مذهباً لهُ عن الإتيان بدليله على صدق الروايات التي يزعمُ أنها من التاريخ وأنها صحيحة. ويخرجُ من هذا ويدعه لقول:(إننا نبزنا روايات التاريخ بالبطلان والكذب، ثم لا يكون دليلنا عليها إلا أنها كذب وبطلان). وليس الأستاذ ببالغ من كلامنا مبلغاً يسقطه أو يحزّ فيه إلا أن يثبت لنا أوّلاً صحة هذه الروايات، ومن أين لأحد أن يسلم بصحتها ويقتنع بأنها خالية من الكذب والوضع وسوء القصد في الإساءة والتشهير والتسميع بأبي الطيب؟ فإذا فعل ذلك فقد بلغ أوّل الحق، وكان لهُ أن يجابهنا بما شاء من القول مصرّحاً ومعرّضاً. فالدليل أيها الأستاذ سعيد.
٧ - ومن أعجب أمر الأستاذ سعيد أنه ينشئ من الكلمة الواحدة تردُ في الكلام جملة لها معنى يوجهه هو كيف أراد على ما خيّلتْ، ويضَعها حيث شاء من الحديث غير متهيب ولا متلفت عن يمين وشمال، ولو خرج بالكلام الذي أمامه من العربية. . . كما مرّ بك في كلمتنا السابقة. فمن ذلك أنه وقف عند قولنا في الكلمة الأولى (الرسالة عدد ١٦٧): (وتركُ