للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أفانين الكلام. فإنك لو أردت أن تعلم جاهلاً دين الإسلام بعد إيمانه بصدق القرآن وأنه وحيٌ من العزيز الحكيم، ثم أخذت تفهمه أن الصلاة عمود الدين وأن الله أمرَ بها عباده، والبرهان والدليل على ذلك قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة)، فلست تقول له بعقب ذلك (فلا بأس) من الصلاة، وإنما تقول: (فلا بد من الصلاة).

ولو تدبر الأستاذ قليلاً كما سألناه في كلمتنا الأولى (عدد الرسالة ١٦٧) لعلم أن الإشارة في هذا الموضع هي إلى الذي قلناهُ في كتابنا ص١٧ - ١٩ من أنه كان بينه وبين العلويين عداءٌ وحفيظة بلغ من أمرهما أنهم ارصدوا له قوماً من السودان عبيدهم في طريقه بكفر عاقب ليقتلوه - وذلك مُنصرفَه من طبرية سنة ٣٣٦ - حتى إن أبا الطيب لم يُحجم عن التعريض بهم، وهو يمدح كبيراً من أولاد عليّ رضي الله عنه بالرمْلة هو أبو القاسم طاهر بن الحسن بن طاهر العلوي فقال في مديحه:

أتاني وعيدُ (الأدعياءِ) وأنهم ... أعدُّوا لي السودان في كفر عاقب

ولو صدقوا في جدِّهم لحذرتهم ... فهل فيّ وحدي قولهم غير كاذب

وقال في مدح الأمير ابن طغج، وقد صحبه أبو القاسم العلوي وأقام معه في الرملة يحضر مجالسه.

وفارقت شرَّ الأرض أهلاً وتربة ... بها (علويٌّ) جدُّه غير هاشم

فلهذا ولغيره من آثار العداوة والبغضاء بين أبي الطيب والعلويين (مذهباً أو نسباً) قلنا في ص١٧ (إن عندنا في أقوال العلويين المعاصرين عن أبي الطيب سبباً للتوقف دون التسليم).

هذا على أن عندنا من الأسباب ما يحملنا على رد رواية العلويين في أخبار أبي الطيب، وقد ذكرنا بعضها متفرِّقاً في كتابنا، وبعضٌ آخر لم نذكره لضيق الوقتِ، ورغبة في اختصار القول، واعتماداً على فطنة القارئ إذ كان في وضع كلامنا ما يُشيرُ إلى أطرافه.

٦ - قلت في كلمتي التي نشرتها الرسالة (العدد ١٦٧) إن الأخ سعيد قد لا يجد دليلاً على صحة هذه الروايات التي رويتْ في نبوّة أبي الطيب، فيما يزعم، إلا أنه قد رواها فلانٌ وفلانٌ ورواها المعري - وهو الحجة الثبتُ - وقلنا إن الحكم - بأن رواية المعري أو غيره من العلماء - هذه الأخبارَ مما يصححها أو يرجّح الصدق فيها - حكم خطأ لا يصح

<<  <  ج:
ص:  >  >>