مخملياً فوقه وغطت رأسها بقبعة، فربما بدت حسناء، وقد تترآى للعيان كمشجب علقت عليه الثياب المذكورة.
وقد كانت الآنسة بنسون ذات أنف أخنس وفم أشدق وأسنان جميلة ووجه مستدير وعينين براقتين فيهما حور، وشعر أسود؛ وليست هذه أوصاف حسن باهر، ومع ذلك فقد قرر مارسيل إغواء أوجين وإغراءه بحب هذه الفتاة؛ ولعل هذا لأنه كان هو نفسه مغرماً بالآنسة زليا صديقة الآنسة بنسون الحميمة، راجياً أن يكون التحبب داعية الحب. ولئن كان ذلك ممكناً، بل لو كانت المصادفة أقوى الفتن والغوايات، فكم من أناس عجز الاتفاق عن التغلب عليهم وباءت المصادفة بالفشل إزاءهم. . . ومن تلكم النفوس كانت نفس أوجين.
لم يكن مارسل يجهل سجايا خدينه، فرسم خطة سهلة أيقن أنها رائعة فعالة في التغلب على ثبات صاحبه ومقاومته، ذلك أنه أولم احتفاء بعيد مولده وليمة كان قد هيأ لها بضع زجاجات من الجعة، وقطعة لحم قديد، وشيئاً من السلطة، وقرص حلوى كبير، وزجاجة من خمر شمبانيا. ودعا طالبين من رفاقه، وطلب إلى صديقته زليا أن تأتيه مساء يومئذ وبصحبتها الآنسة بنسون. وفي الموعد المضروب عندما كانت الساعة تدق السابعة طرقت العاملتان الباب ودخلتا: زليا مرتدية ثوباً قصيراً مشطباً، وبنسون رداء أسود لم يكن يفارقها. وبعد أن جلستا واحتستا الكأسين الأوليين استأذنهما رب المنزل في التغيب قليلاً، وقصد تواً إلى منزل أوجين فوجده كعادته محاطاً بكتبه مكباً عليها، فبعد كلمات منمقة غير ذات معنى، بدأ يلومه برقة وينعى عليه إجهاده نفسه، وبنصحه بوجوب الاستراحة والتلهي، ثم اقترح عليه القيام بنزهة قصيرة، فقبل أوجين الاقتراح لأنه كان متعباً بعد إذ قضى يومه في الدرس والمطالعة. وبعد جولة لم يعد صعباً على مارسيل أن يستزير صديقه، وكان الفتاتان قد أطلقتا لنفسيهما العنان إذ داخلهما السأم من الانتظار، فخلعتا وشاحيهما وحسرتا، ثم أخذتا ترقصان وتتذوقان ما على الخوان على سبيل التسلية. فلما دخل الشابان وقفتا في ذهول وقد توردت وجنتاهما، ثم حيتا أوجين في استحياء وحيرة ودهشة لعرفانهما سلوكه واعتزاله، وبعد أن أجالتا فيه النظر عادتا إلى الرقص والغناء؛ أما أوجين فقد تقهقر ليولي الأدبار لولا أن أقفل مارسيل الباب وألقى المفتاح على المائدة وصاح:
- لقد امتلكنا هذا النافر المعتكف. . أقدم لكما يا آنستيّ أفضل شاب في فرنسا، وهو راغب