في التشرف بمعرفتكما منذ زمن طويل، وإنه جد معجب بالآنسة بنسون.
فكفت الصبيتان عن الرقص، وحيتا أوجين كرة أخرى، وقال له مارسيل:
- إني قدتك بالرغم منك لتشاركني في عيدي الخاص، فهلا فعلت؟
وبإشارة من مارسيل قالت له بنسون بصوت عذب: ذلك رجاؤنا يا سيدي.
ووافى القوم آنئذ الطالبان المدعوان، فلم يعد لأوجين سبيل إلى الخلاص فجلس على مضض.
- ٣ -
دام العشاء إلى ساعة متأخرة أكثر خلاله الفتية من تدخين اللفائف واحتساء العقار. أما العاملتان فكانتا فكاهة المجلس وتعلة السامر بأحاديثهما الشائقة وفيها المعقول والمبالغ فيه: فمنها أن كاتبين ربحا في القمار عشرين ألف فرنك وبدداها مع عاملتين خلال ستة أسابيع؛ وأن ابن أحد أعاظم أغنياء باريس قدم لغسالة معروفة (لوجا) في الأوبرا وداراً في الضاحية فرفضتهما وآثرت أن تظل بارة بأبويها العجوزين، وأن وجيهاً زار عاملة فنفاها أولو الأمر إلى أمريكا وأعطوها محفظة مفعمة بالأوراق المالية. . .
فقاطعهما مارسيل أخيراً قائلاً: إن زليا تبتكر وتغرق، أما الآنسة ميمي فقد فاتها أن الكاتبين ما ربحا شيئاً، وما قدم الغنى غير برتقالة، والعاملة في المستشفى في أشد حاجة إلى القوت. . .
نهضت عندئذ بنسون - وقد لاح لأوجين أنها اصفرت عند سماعها الجملة الأخيرة - فقالت:
- إن كان مارسيل لا يصدق القصص فليسمع هذه الحادثة وقد كنت أحد أبطالها:
ذهبت في الأسبوع الفائت مع اثنتين من صديقاتي وهما بلانشت وروجيت إلى مسرح (الأديون) لمشاهدة رواية، فاستأجرنا لوجاً ودفعت روجيت الثمن - إذ كانت قد ورثت مالاً، فرآنا ثلاثة طلاب ودعونا للعشاء، فقمنا إلى مطعم المسرح مع الأبطال وأخذنا نطلب أفخر الأطعمة وأغلاها وأسرفنا في الطلب؛ وكنا كلما قدمت صفحة تناولنا منها لقمة أو لقمتين ثم نستبدلها من غيرها، والشبان الثلاثة يحرقون الأرم على أن لو استطاعوا ازدراد شيء من الصحون المرفوضة أو المعادة؛ وجعلوا أخيراً يفكرون في أمر الدفع فقد كان مع أحدهم