ستة فرنكات ومع الثاني دون ذلك ومع الأخير ساعته. ثم قاموا متثاقلين يجرون أرجلهم نحو المحاسب الذي ابتدرهم بقوله: الثمن مدفوع، لأن روجيت دفعت الثمن سلفاً. ثم عرضنا على السادة المذكورين إبلاغهم إلى دورهم ولكنهم مانعوا ورفضوا جهدهم فأصررنا وقد تظاهرنا بأننا ثريات نبيلات، وكانت روجيت تقول لي:
- يجدر بنا أيتها المركيزة أن نقود السادة إلى منازلهم.
فأجيبها: حباً وكرامة يا كونتس!
لم ترق هذه القصة للتلميذين صديقي مارسيل، فوجما وقد اغبر وجهاهما، ولعلهما كانا يعرفان تفاصيل الحديث أكثر من الآنسة بنسون التي طلب منها مارسيل أن تسميهم له فرفضت، فسر أوجين من إبائها وأثنى عليها قائلاً:
- أنت محقة أيتها الآنسة، إذ ليس بين الشبان الذين يملئون الجامعات والمدارس من خلا من خطيئة ارتكبها، أو طيش فعله، ومع ذلك فكل رجال فرنسا البارزين من سياسيين وقضاة وأطباء إنما يخرجون من هناك. . .
وقال مارسيل: هذا حق، فكم من عين قضى طفولته يتناول الطعام في أحقر المطاعم، بل ربما لم يكن لديه ثمن القوت ثم سألها وهو يغمز بعينه: ألم تري بعدئذٍ العشاق المجهولين؟ فأجابته غضبى نافرة: من تحسبنا؟ أولا تعرف بلانشت وروجيت. . . فقاطعها قائلاً: حسناً لا تغضبي، ولكنها قصة ثلاث طائشات بددن مالهن وأضعنه جزافاً كي يسخرن بثلاثة مساكين لا يد لهم في الأمر!
فأجابته: ولم إذن دعونا؟
- ٤ -
طلب مارسل إلى ميمي أن تغني، فأنشدت مديحاً قيل فيها يتلخص فيما يلي:
(ليس لميمي غير ثوب واحد وقبعة. رداؤها لا يرتهن مدى الزمن مهما اعتراها من محن).
وكانت الجمل الثلاث الأخيرة لازمة الأغنية، جعل السامعون يرددونها، ويضربون الطاولة بمقابض السكاكين أو بالغلايين فيحدث من ذلك دوي شديد أزعج الآنسة المغنية فقالت: كفى، ليت عندنا آلة موسيقية نرقص شوطاً على إيقاعها.