على نفسه وهذا يدعوه الله بالحكمة. فأجاب الأبرار الدعوة بالموعظة بذكر الجنة والنار. وأجاب المقربون الدعوة بالحكمة وهي الدعوة بمنح القرب وصفو المعرفة. ولما وجدوا التلويحات بهذا القرب أجابوا بأرواحهم وقلوبهم ونفوسهم. وهم حين يتابعون الأعمال يجيبون بقلوبهم. وحين يتحققون بالأحوال يجيبون بأرواحهم. فأنت ترى من هذا الفرق بين الصوفية وبين غير الصوفية. فهؤلاء يجيبون بالبعض وأولئك يجيبون بالكل. والصوفية حين يجيبون بالكل يتهيأ لهم بالعلم والمعرفة حظ لم يتهيأ لغيرهم. ومن هنا كانوا أقدر من غيرهم على الوصول إلى اليقين الذي لا يحيطه شك. اليقين يكشف لهم عن حقيقة الذات الإلهية ويظهرهم على ماهية الأشياء. بحيث ينتهون من هذا كله إلى الاتحاد مع الله والفناء فيه اتحاداً يضمن لهم السعادة، وفناء يكفل لهم السلام.