للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفاصيل جزئية قليلة الفائدة وفي حذفها ما يفسح المجال للمشاكل الهامة. ذلك لأن الملخِّص قد يؤخذ أحياناً بما هو أمامه وينسى بحثه الرئيسي. وعلى كل فلئن فات المؤلف إبراز بعض المشاكل الأفلاطونية والأرسطية في ثوبها الكامل لقد نجح نجاحاً كبيراً في إعطاء فكرة صحيحة عن مؤلفات أفلاطون وأرسطو وتلخيصها على وجه حسن. وكنا نود أن تستخدم المصادر العربية في بحث كهذا؛ وفي استخدامها ما يسمح بتحقيقات ومقارنات علمية وتاريخية جديدة فاتت مؤلفي الغرب ومؤرخيه، وقد تنبه زميلنا إلى هذه النقطة في بعض الفصول، إلا أنه لم يلتزمها في كل بحثه.

الأستاذ كرم هادئ في كل شيء؛ هادئ في أسلوبه، فلا يحفل بالتراكيب الضخمة والعبارات الطنانة، وما أحوج اللغة العلمية إلى هذا الهدوء. فهو يكتب كتابة موضوعية كل همه فيها أداء المعاني العلمية في عبارة مقبولة. بدأ كلامه وختمه بالتحدث عن الفلسفة وتاريخها دون أن ترى في أسلوبه حشواً أو فضولاً. إلا أنه قد يصل به حبه للإيضاح أحياناً إلى استعمال بعض الألفاظ والتراكيب الدارجة بالرغم من ابتذالها أو ضعفها. ومع هذا ينبغي أن نشير إلى المجهود الصادق الذي بذله في اختيار الألفاظ العربية الملائمة لأداء الأفكار الأجنبية. وقد كلَّلَ هذا المجهود بذلك القاموس اللغوي الاصطلاحي الذي ختم به كتابه. وفي اختصار لقد استطاع أن يقدم لنا تاريخ الفلسفة اليونانية في قالب علمي لا بأس به. وهذه ناحية يجب أن يتنبه لها الباحثون إن كنا نريد لأنفسنا لغة علمية محترمة. وهاكم قطعة من قلم المؤلف يلخص فيها الفلسفة الأفلاطونية ويبين أصولها ومميزاتها يقول: (أما أسلوبه (يعني أفلاطون ولو قال أما مذهبه أو طريقته لكان أولى) في الفلسفة فهو التوفيق والتنسيق: لم ير في تعارض المذاهب سبباً للشك مثل السوفسطائيين، وإنما وجد أنها حقائق جزئية، وأن الحقيقة الكاملة تقوم بالجمع بينها وتنسيقها في كلٍّ مؤتلف الأجزاء. وطريقة التوفيق حصرُ كل وجهة في دائرة، وإخضاع المحسوس للمعقول، والحادث للضروري، فنحن نجد عنده تغير هرقليطس، ووجود بارمنيدس، ورياضيات الفيثاغوريين وعقيدتهم في النفس، وجواهر ديموقريطس، وعناصر أنبادوقليس، وعقل أنكساغورس فضلاً عن مذهب سقراط، وسندل على هذه الظاهرة كلما صادفناها، وثمة ظاهرة أخرى هي محاولته تحويل العقائد الأرفية آراء فلسفية، أي وضعها في صيغة عقلية ودعمها بالدليل. فهو لم يزدر شيئاً من تراث

<<  <  ج:
ص:  >  >>