الأدب عامة: إذ صبغ أكثره بصبغة الجد والرزانة والقصد في القول واجتناب الإيغال في الخيال، والولع بالحكم والعبر والأمثال، ورغّب الأدباء في الأخبار الصادقة عن السلف من جاهليين وإسلاميين، وزهدهم في الأساطير ومختلق الأحاديث، والى رهبة الدين الذي كان عماد الدنيا والآخرة ترجع أشعار الزهد والوعظ التي يحفل بها الأدب كأشعار أبي العتاهية وابن عبد القدوس، والى جلالته وجلالة الانتماء إليه ترجع مسحة التسامي والعفة التي تزين على شعر الشريف الرضى.
كان الدين دائماً منبث الروح، وإلا فمتجسم المظهر في شوْون الحياتين، وإن صدمته الأهواء السياسية كثيراً، وغلبته الأهواء الفردية، وتغافل عنه حماته فلم ينشطوا للذود عن حرمانه إلا أن يكون في ذاك قضاء لمآربهم أو شفاء لسخائمهم، حتى كان من المتناقضات حقاً أن الأدب العربي الذي ازدهر في ظل دول إسلامية حوى من جريء القول ما لم يحو غيره.
وخلاصة القول أن كلا الأدبين العربي والإنجليزي تأثر بدين قومه تأثرا بينا، ولكن بينما كان تأثر الأخير بالمسيحية مقصوراً على عهود بذاتها وأمور بعينها، ثم ركد أمر الدين، وأحس الأدب أنه قد استفاد منه كل ما يمكنه أن يستفيد، فانصرف عنه، ظل للدين في الأدب العربي دائما مكانة عالية وأثر بعيد، وسيظل له مثل هذه المكانة ومثل هذا الأثر، في كل أدب يدين مجتمعه بالإسلام وينطق بالضاد.