المسيحي فهي أقرب إلى السبئية ولا يستطاع تسميتها بالعربية بالمعنى المفهوم من هذا اللفظ) باستثناء ذلك فان معظم أقدم أمثلة الخط العربي التي اكتشفت قد كتبت بخطوط لهجات زبد الثلاثية، وهي السريانية والإغريقية والعربية وترجع إلى سنة ٥١٢ أو ٥١٣، ولغتي حران اليونانية والعربية التي ترجع إلى سنة ٥٦٨م. ولسنا نريد أن نشغل أنفسنا كثيرا بهذه الوثائق خاصة؛ وإن ترجمتها تتطلب مشقات عظمى، وكان القليلون من عرب العصر السابق للإسلام ملمين بالقراء أو الكتابة، ويرجع الفضل في قدرة هذا النفر إلى المعلمين اليهود والنصارى، أو إلى الثقافة الأجنبية التي انبثقت أضواؤها من الحيرة وغسان، ولكن بالرغم من أن القرآن (وقد جمع لأول مرة بعد واقعة اليمامة سنة ٦٣٣م) هو أول كتاب عربي، إلا أنه يمكن إرجاع بداءة الكتابة بلغة الضاد إلى عصر متقدم. ومن الأرجح أن كل قصائد عصر قبل الإسلام التي وصلت إلينا إنما ترجع إلى القرن السابق لظهور الإسلام (أي من ٥٠٠ - ٦٢٢) ولكن يد التفنن الصناع وإبداعها الفني اللذين غيرا من شكلها الأول يقفان حائلا دون الأمل بأن نعثر خلالها على الصورة الأولى للقصيدة العربية. وقد يمكن القول بشأن هذه القصائد الفخمة - كما هو الحال في الإلياذة والأوديسة - إنها (نتيجة فن بالغ حد الإتقان، يستحيل أن يكون قد صار إلى ما صار إليه إلا بعد مرور عهد طويل على ممارسته) وقد ظلت هذه القصائد محفوظة طوال مئات السنين بالحديث الشفهي كما سنوضح ذلك في مكان آخر. وفي صدر عهد بني العباس أي بين عامي ٥٧٠ و ٩٠٠م شرع الأدباء المسلمون في تدوين معظمها. ومن الحقائق الثابتة أن اللغة واحدة في القصائد التي يمثل أصحابها قبائل عدة مختلفة ونواحي متعددة من شبه الجزيرة. كما أن الفروق اللسانية طفيفة جداً إلى درجة لا يؤبه بها، ومن ذلك نستنبط أن الشعراء كانوا يتخذون لهجة صناعية تخالف لغنة المحادثة وهي أشبه ما تكون باللهجة الأيونية التي استعارها الشعراء الدوريون والأيوليون.