مدينة تور وقاتلوا حصونها بشدة رائعة حتى سقطت في أيديهم أمام أعين الجيش القادم لإنقاذها وانقض المسلمون على أهلها كالضواري المفترسة وأمعنوا القتل فيهم. قالوا ولعل الله أراد أن يعاقب المسلمين على تلك الآثام، وكان طالعهم قد ولى).
(وعلى ضفاف نهر الأوار (اللوار) اصطف رجال اللغتين والتقي المسلمون والنصارى وكلاهما جزع من الآخر، وكان عبد الرحمن ثقة منه بظفره المستمر هو البادئ بالهجوم فانقض بفرسانه على الفرنج بشدة وقابله الفرنج بالمثل. ودامت المعركة ذريعة مروعة طوال اليوم حتى جن الليل وفرق بين الجيشين. وفي اليوم التالي استؤنف القتال منذ الفجر بشدة، وشق بعض مقدمي المسلمين طريقهم إلى صفوف العدو وتوغلوا فيها. ولكن عبد الرحمن لاحظ والمعركة في أوج اضطرامها أن جماعة كبيرة من فرسانه غادرت الميدان بسرعة لحماية الغنائم المكدسة في المعسكر العربي، لأن العدو أخذ يهددها. فأحدثت هذه الحركة خللا في صفوف المسلمين، وخشي عبد الرحمن عاقبة هذا الاضطراب فأخذ يثب من صف إلى صف يحث جنوده على القتال، ولكنه ما لبث أن أدرك أنه يستحيل عليه ضبطهم فأرتد يحارب مع أشجع جنده حيثما استقرت المعركة، حتى سقط قتيلا مع جواده وقد أثخن طعانا. وهنا ساد الخلل في الجيش الإسلامي وأرتد المسلمون في كل ناحية ولم يعاونهم على الانسحاب من تلك المعركة الهائلة سوى دخول الليل)
(واستفاد النصارى من هذا الظرف فطاردوا الجنود المنهزمة أياما عديدة، واضطر المسلمون أثناء انسحابهم أن يحتملوا عدة هجمات واستمر الصراع بين مناظر مروعة حتى أربونة).
(وقد وقعت هذه الهزيمة الفادحة بالمسلمين وقتل قائدهم الشهير عبد الرحمن سنة١١٥ هـ، ثم إن ملك فرنسا حاصر مدينة أربون. ولكن المسلمين دافعوا بشجاعة متناهية حتى أرغم على رفع الحصار وارتد داخل بلاده وقد أصابته خسائر كبيرة)
وأورد المؤرخ كاردون من جهة أخرى في كلامه عن الموقعة فقرة، ذكر أنه نقلها عن ابن خلكان جاء فيها:(لما استولى العرب على قرقشونة خشي قارله (كارل) أن يتوغلوا في الفتح فسار لقتالهم في الأرض الكبيرة (فرنسا) في جيش ضخم وعلم العرب بقدومه وهم في لوذون (ليون) وأن جيشه يفوقهم بكثرة، فعولوا على الارتداد. وسار قارله حتى سهل