أنيسون دون أن يلقى أحدا. إذ احتجب العرب وراء الجبال امتنعوا بها، فطوق هذه الجبال دون أن يدري العرب ثم قاتلهم حتى هلك عدد عظيم منهم وفر الباقون إلى أربونة. فحاصر قارله أربونة مدة ولم يستطع فتحها فارتد إلى أراضيه وأنشأ قلعة وادي رذونه (الرون) ووضع فيها حامية قوية لتكون حدا بينه وبين العرب).
ونعود بعد ذلك إلى الرواية الإسلامية فنقول ان المؤرخين المسلمين يمرون على حوادث هذه الموقعة الشهيرة أما بالصمت أو الإشارة الموجزة. ويجب أن نعلم بادئ بدء أن موقعة تور تعرف في التاريخ الإسلامي بواقعة البلاط أو بلاط الشهداء لكثرة من أستشهد فيها من أكابر المسلمين والتابعين. وفي هذه التسمية ذاتها، وفي تحفظ الرواية الإسلامية، وفي لهجة العبارات القليلة التي ذكرت بها الموقعة، ما يدل على أن المؤرخين المسلمين يقدرون خطورة هذا اللقاء الحاسم بين الإسلام والنصرانية، ويقدرون فداحة الخطب الذي نزل بالإسلام في سهول تور. ويدل على لون الموقعة الديني ما تردده الأسطورة الإسلامية من أن الآذان لبث عصوراً طويلة يسمع في بلاط الشهداء. ونستطيع أن نحمل تحفظ المؤرخين المسلمين في هذا المقام على أنهم لم يروا أن يبسطوا القول في مصاب جلل نزل بالإسلام ولا أن يفيضوا في تفاصيله المؤلمة، فاكتفوا بالإشارة الموجزة اليه، ولم يكن ثمة مجال للتعليق أيضا، ولا التحدث عن نتائج خطب لا ريب أنه كان ضربة للإسلام ولمطامع الخلافة ومشاريعها. وإذا استثنينا بعض الروايات الأندلسية التي كتبت عن الموقعة في عصر متأخر، والتي نقلناها فيما تقدم فان المؤرخين المسلمين يتفقون جميعا في هذا الصمت والتحفظ. وهذه طائفة من أقوالهم وإشاراتهم الموجزة:
قال ابن عبد الحكم وهو من أقدم رواة الفتوح الإسلامية واقرب من كتب عن فتوح الأندلس ما يأتي: -