على الخروج على قاعدتي التي أطمعته فورطته وكانت خليقة منه بغير ما فعل.
ليت الأستاذ شاكراً كان تريث قليلاً فلم يحرص على صدور رده عقب كلمتي بلا تأخر، ولم يخرج عما أخبرنا من طبعه في الإبطاء والتخلف، فإن الناس لا يقدرون الكلام بسرعة صدوره، وإنما يقدرونه بما يحمل من الحق والصواب.
ليته تريث وتدبر وأنعم في كلامه وكلام غيره، إذن لما أعجله حب الرد للرد فجعله ينقض فكرة هي له على أنها لغيره، ويستنجد لدفعها بالعربية والمنطق والأصول؛ وبيان ذلك باختصار أنه:
كان أشكل عليه في كلام أبي علي بن أبي حامد أمر الوثيقة التي كتبوها على المتنبي بعد أن استتابوه من دعوى النبوة؛ فذهبنا نحن إلى أنها في إبطال علويته لا تنبئه، وأمر علويته ورد في روايات ثانية، فكان من الأستاذ أن أورد رواية أبي علي ثم علق على كلامنا فيها بقوله:(الرسالة ص١٦٦٥)
(فأنت ترى أن لا ذكر للعلوية في هذا الخبر ولا في غيره مما روي عن علي بن أبي حامد هذا، فكيف يتأتى لك أن تقحم العلوية فيه وهو لم يذكرها فيه ولم ترد عنه في خبر غيره، ثم تعمد إلى الكلام فتؤول بعضه على النبوة وبعضه على العلوية فتجعل التوبة للأولى والوثيقة للآخرة؟)
والذي قلناه نحن هو هذا (الرسالة ١٧٠): (وليس في الأمر مشكلة ولا تناقض ولا داع لأن يرجح الأستاذ (ص ٤٩) من كتابه إقحام لفظ النبوة بين العلويتين في حديث الهاشمي، وليقول:(إن المراد بالنبوة (تأمل) في حديث أبي علي بن أبي حامد العلوية) فمن المقحم ومن المؤول أيها البحاثة المحقق الذي لا ينسى اليوم ما قاله أمس؟! ثم قلنا:(فعلوية أبي الطيب التي أراد أن يفسر بها النبوة الواردة في الروايات على اختلاف مصادرها لم تسلم له من الأصل، وبقي المتنبي جعفياً يمنياً، وإذا كان لابد (تدبر) من إيراد احتمال فالأولى أن تجعل العلوية الثانية من زيادات النساخ وإقحامهم. على أن الروايات في غنى عن هذا الفرض أيضاً (تأمل وتدبر) وليس فيها داع إلى شكل أو تأويل. فمن الغريب جداً أن ينكر أبو الطيب دعوى النبوة من ساعة القبض عليه وأن يظل على العلوية طول أيام سجنه حتى كتابة الوثيقة)